نعم، لم تعد هناك حاجة لدق الناقوس، فقد وقعت الفأس في الرأس، فالتعليم فعلا هو الآن داخل دائرة الخطر، ولم يعد الموضوع تعليمياً فقط، بل أصبح فساداً وانحطاطاً أخلاقياً وصل إلى بعض طلبة الجامعة، بسبب سوء التربية وفساد البيئة التي خرج بعضهم منها.فجريدة "الجريدة" فاجأتنا مرة أخرى بتقرير آخر صادم عن الفساد في التعليم الجامعي، فقد ابتكر بعض من ابتلي بهم الجسم الطلابي في جامعة الكويت تجارة رائجة من نوع لم يخطر على بال بشر، فهم يقومون باحتكار التسجيل المبكر في بداياته في المواد الأكثر طلباً وإقبالاً، ثم يقومون ببيعها مقابل 70 ديناراً أو أكثر للمادة الواحدة.
مسؤولو اتحادات الطلبة شرحوا تلك الظاهرة التي تجددت مع عودة الدراسة التقليدية، ولمحدودية قدرة الشعب الدراسية على استيعاب الطلبة، فقد لجأ من يفترض بأنهم طلاب إلى التسجيل في العدد الأقصى المتاح لهم بالوحدات الدراسية، وهي 12 وحدة، رغم عدم حاجتهم لذلك، تصرفهم هذا يمنع الطلبة الحقيقيين من التسجيل في وحداتهم الدراسية لأن تلك الوحدات قد تم حجزها مسبقا ظلما، فيضطرون إلى شرائها من الفاسدين في الجامعة.ومن أجل الإيضاح أكثر، وكما صرح مسؤولو الاتحادات الطلابية، فإن الفئة الأكثر إقبالاً على شراء المقاعد هم المتوقع تخرجهم قريبا، فشعبهم الدراسية تكون قد بلغت الحد الأقصى من المسجلين، فيقوم عندها الفاسد البائع لمقعده بالانسحاب من المقرر ليظهر للطالب المشتري خلو مقعده من الشعبة المطلوبة الذي يقوم على الفور بالتسجيل حسب التوقيت المتفق عليه.***عندما ذكرنا سابقا في "دقوا الناقوس، فالتعليم في خطر"، بأن أحد أسباب تردي التعليم هو الاستعانة بمدرسين ضعيفي المستوى، وبعضهم من عديمي الضمير، لأنهم تعمّدوا ألا يوصلوا المعلومة المطلوبة للطالب إلا عن طريق دروسهم الخصوصية، لتصبح فيما بعد تجارة مستقلة بذاتها، ولتتحول مع مرور السنوات الى محسوبية وإدخال أناس دخلاء الى سوق عمل التعليم بمقابل، حتى وصلت تكلفة هذه التجارة، وبدون مبالغة إطلاقا، مئات الملايين من الدنانير سنويا تنهب من جيوب أولياء الأمور تحت سمع وبصر الحكومة، رغم ضخ الأموال الهائلة للتعليم الحكومي الذي بان فشله منذ سنوات طويلة.نقول، هناك خطأ ما جعل التعليم والأخلاق يترديان في آن واحد، فما يحدث في الكويت يدل على أن هناك ثقافة مستوردة جديدة تتاجر في كل شيء، بما فيه التعليم الذي سيبنى عليه مستقبل البلد.ونقول، إذا كان هذا ديدن من يدّعون أنهم طلبة في جامعة الكويت، وقد يكونون خارجها، يمارسون هذه الوسائل الفاسدة، فماذا هم فاعلون إذا ما دخلوا سوق العمل الفعلي، بعد أن تشرّبوا من روح الفساد وهم لا يزالون في بداية الطريق الى الحياة العملية؟لا بد من عين حمراء، ولا بد من عقاب، ولا بد من التخلص من الأدران التي لوثت الجسم الكويتي، وإلا فقولوا على مستقبل الكويت السلام.
مقالات
في الصميم: لم يعد هناك من حاجة لدق الناقوس
27-10-2021