عفو كريم... ومصالحة وطنية تاريخية
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
إن ما دشنه سمو الأمير من إطلاقه مبادرة كريمة لتهيئة جميع الظروف لمصالحة وطنية شاملة، مستهلها بالعفو الكريم عن أبنائه من المحكومين في قضايا الرأي والمواقف أو الاعتبارات السياسية، ينبغي الحرص على الحفاظ عليها بصفائها ونقائها، من دون أن يلحق بها ما ينتقص منها أو يكدر صدقيتها أو يعطلها أو يجزئها أو ينال من مقاصدها، أو الإضرار بها ممن يحاول القفز عليها أو التكسب المؤذي من خلالها. وهي استحقاق وطني حتى تدون في التاريخ من لحظتها الأولى، وفي جميع مراحلها المتعاقبة والمتكاملة، وحتى نهايتها بصورة صحيحة ومشرقة، بلا تحريف أو تحوير أو تزييف. ومن حسن طالعنا ألا نضيع هذه الفرصة التاريخية، استجابة لأطراف أو أشخاص لا يعنيهم إلا تحقيق مجدهم الشخصي وإشباع رغبات الطمع والأنانية والأثرة التي تهيمن عليهم في تعاطيهم مع الموضوعات، التي هي حيوية لتعزيز وحدتنا ولحمتنا الوطنية، وهو ما يلزم إلى جوار الإقرار بأخطائنا أن نتراجع عنها ونصلح ما أفسده الدهر، أو الممارسات غير الدستورية أو المقوضة للمبادئ البرلمانية، حتى نغدو من الأمم التي خلدها التاريخ بصفحاته الناصعة والمعتبرة.تفريعاً على ما سبق، فإنه ينبغي الحفاظ على طبيعة العفو الكريم، كما قصده سمو الأمير، ومن ثم لا يصح بحجة الضوابط والشروط أن يستبعد أحد من المحكومين بقضايا الرأي والمواقف السياسية، فيحجب عنه حصوله عليه، ومن دون أن تقحمنا تلك الشروط في نطاق الاختلاف والتنازع لاقترانها بما تنتفي معه صفته الكريمة أو تنتقص من كرامة أو مكانة المعفى عنهم، أو تُفقدهم اعتبارهم ومكانتهم بين أهلهم أو أبناء مجتمعهم، فلا مندوحة من أن يأتي العفو بصفائه، وليكن مرحلة تنقلنا لمراحل أخرى سلسة ومتممة له، تتويجاً لمصالحة وطنية شاملة باستحقاقات وطنية طال انتظارها، وهو ما عساه أن تلحقه حالة توافق وطني لعفو شامل يطوي هذه الصفحات إلى الأبد.فأمامنا بلد يئن من الأوجاع، ويتألم من الخلافات، وقد كبدته الصراعات أفدح الخسائر والتبعات، فلابد من أن نعيد لكويتنا اعتبارها ولسلطاتها مكانتها واحترامها، بقيادة رشيدة من سمو الأمير وولي عهده الأمين. ولعلنا نشهد دور انعقاد يعيد مجلس الأمة إلى ممارساته الحميدة والمشهودة، بلا تسويف أو تعطيل.