عودة عمامة البشير
عاد السودان لحظيرة العسكر والاستبداد، ولم يعد هناك أي استثناء لحالة ديموقراطية صحيحة واحدة في العالم العربي، الجنرال عبدالفتاح برهان يقول إنه لم يأسر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وإنما هو يستضيفه في بيته (بيت الجنرال)، حفاظاً على سلامته، كرم حاتمي رغم أنف الضيف. السؤال: هل عودة العسكر للحكم في السودان كانت أمراً متوقعاً بعد أن فرضوا الأحكام العرفية وأسروا المدنيين؟العسكر لم يبتعدوا عن الحكم بداية حتى يعودوا إليه، كان الحكم المدني بعد عمر البشير تحت رقابتهم وإشرافهم، وعيونهم عليه ويتصيدون الفرص لصعودهم مسرح الحكم تحت غطاء وتبرير جديدين. جريدة الفايننشال تايمز ذكرت في افتتاحية لها أن صندوق النقد الدولي وفر لهم هذه الفرصة الذهبية، حين أصر على رفع الدعم عن المحروقات في السودان، وتلك أداة الناس البسطاء في المواصلات وتوفير الغذاء، لم يكن هناك أي خيار للحكومة المدنية السودانية، إذا لم ترضخ لشروط الصندوق في الاستدانة والدعم، وكانت النتيجة القلاقل الاجتماعية بسبب حالة العسر الصعبة لأهل السودان، وأضحت هذه مناسبة رائعة عند العسكر للعودة إلى الحكم المباشر وإنهاء الديموقراطية، بعد عمر قصير لها.
الولايات المتحدة - حسب رأي الجريدة السابقة - أيضاً سكبت الزيت على النار، حين قررت وقف برنامج المساعدات الإنسانية الملحة للسودان، التي تبلغ 700 مليون دولار، فالمتضرر هو أغلبية الشعب السوداني الفقير وليس حكام اليوم أصحاب بدلات الكاكي، هل تُذكرنا هذه بالعقوبات الدولية على نظام صدام بعد احتلال الكويت، وكيف خنقت ملايين البؤساء في العراق، وفتحت أبواب الجحيم لهم ومهدت بعد الاحتلال الأميركي لإشعال نيران التطرف والإرهاب والحروب المذهبية؟بعد كل ذلك يتساءل الإعلامي فيصل قاسم بجريدة القدس العربي: لماذا شعوبنا العربية محشورة بين حكم العسكر وقوى إرهاب التطرف الديني؟! ألا يوجد خيار غيرهما...؟ لنتعلم من دروس التاريخ إذا كان لدينا من يقرأ ويستوعب عبره!