"في مسيرة الدول أحداث تشكّل منعطفات مفصلية تكون لها آثار بعيدة المدى في كيانها وتاريخها، وانعكاسات مباشرة وغير مباشرة على اتجاهاتها وتحوّلاتها.وعند مثل هذه الأحداث، يجب أن تعود الدولة الحية إلى ركائزها، فتتمسك بدستورها وشرعيتها، وتعتصم بعقيدتها وقيمها، فلا تدفعها ضغوط اللحظة إلى البحث عن مخارج خلفية، ولا يجرّها شيء من اليأس للنكوص عن قناعتها، والوعي للمتغيرات عملية معقّدة ومركّبة تتضمن معرفة الذات بلا أوهام، ومعرفة القوى الأخرى بلا انبهار أو استهتار".
بهذه المقدمة، افتتحت مجموعة مبادرة الإصلاح والتوافق الوطني، يتقدّمهم الأخ الكبير عبدالله إبراهيم المفرج، رؤيتها التي أصدرتها قبل ثمانية أعوام، وتحديداً بتاريخ ٩/٦/٢٠١٣. هذه المجموعة الواعية المشكّلة من كوكبة كريمة من رجالات الكويت وسيدة فاضلة، وتشرّفت بكوني ضمنهم، استشرفت المستقبل بالنظر إلى أحداث الماضي وتفاعلات الحاضر.حينذاك كانت درجة الغليان عالية جداً على سطح الأحداث في الساحتين الخارجية والداخلية، وكانت الأصوات العاقلة كريشٍ يتطاير في مهبّ الرياح العاتية، ولكن ما ينفع الناس لابدّ أن يمكث في الأرض، فتابعت المبادرة بالقول:"إننا نجزم حين نزعم أن ما تعيشه الكويت من تأزّم سياسي مستمر طوال العامين الماضين (حينذاك) يمثّل أحد أخطر منعطفات تاريخها الحديث، والذي ستكون لطريقة وتكلفة تجاوزه انعكاسات بعيدة الأثر وتداعيات بالغة الخطر، ذلك أن الكويتيين قد نجحوا حتى الآن، بفضل الله وحمده، في مواجهة الأحداث بصفوف متراصّة وبولاء وطني مرهف، وبوعي كامل للتهديدات الإقليمية والدولية، غير أن الانقسام والاحتقان السياسي المتصاعد والمتفاعل يكاد يترك في وحدة الصف صدعاً، ويقدّم انتماءات اجتماعية وثقافية ومصالح ذاتية على حساب الولاء الوطني، الأمر الذي يشكّل نذيراً صارخاً لخطورة الاستمرار في سياسة تأجيل قرار الإصلاح والتغيير، الذي من شأنه تعزيز وتحصين الوفاق الوطني". هنا ينتهي الاقتباس من وثيقة مبادرة الإصلاح والتوافق الوطني، الذي استندت إليه بالإسقاط على مجريات أحداث أيامنا الحالية، التي انتهت بالمبادرة السامية بشأن العفو الكريم عن المحكومين بقضايا الرأي من أبناء الكويت، وتمكين مَن هم خارجها من العودة إلى حضنها الدافئ، تلك المبادرة التي تلقّفها ضمير الشعب الكويتي بالترحاب والأمل، ولم يتبقّ سوى إنجاز تفاصيلها خلال أسبوعين، لتتفرغ البلاد للإصلاح والتنمية الشاملة، التي طال انتظارها، ونرجو ألّا تخطف ذلك الأمل عنتريات ومشاغبات فارغة هنا أو هناك.اليوم، مرّت ثمانية أعوام إلى الوراء، وبإعادة قراءة الرؤية الثاقبة لمبادرة الإصلاح والتوافق الوطني، متأملاً المشهد، وجدت أن اليوم لا يشبه البارحة، فسكنت مخاوفي.***تغريدة: مع كل افتتاح دور انعقاد لمجلس الأمة تتردد في مسامعنا كلمات أميرنا الراحل الجليل الشيخ عبدالله السالم:تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحتوإن تولّت فبالأشرار تنقاد
أخر كلام
6/6: لا يشبه اليوم البارحة
28-10-2021