قالت مصادر مسؤولة في وزارة المالية إن وصول سعر برميل النفط الى 85 دولارا لن يلغي الحاجة الى قانون الدّين العام، مشيرة الى أن أولوية القانون لا ترتبط بأسعار النفط الحالية، رغم ارتياح الميزانية العامة بانخفاض العجز.وبينت أن الميزانية ستتنفس الصعداء بعد وصول أسعار النفط الى سعر التعادل البالغ 90 دولاراً، مبينة أن هذه الأسعار ستعطي الوزارة مساحة للعمل بالإصلاحات دون ضغوط، بعد سلسلة من الانخفاضات التي أثّرت على أوجه الصرف للجهات الحكومية، ووصول العجز الى 10.8 مليارات دينار.
وتخوفت المصادر، لـ "الجريدة"، من أن يكون ارتفاع النفط ذريعة للجهات الحكومية بعدم الالتزام بترشيد النفقات وتجاوز السقف المسموح لها، بدليل تأكيد المسؤولين بوجود عدة جهات تجاوزت الحد الأعلى من الاعتماد لسنة 2022/ 2023، حيث قامت "المالية" بإرجاع الميزانيات الى تلك الوزارات لإعادة النظر بها، للالتزام بالسقف المحدد لها، مع التنبيه عليها بضرورة ترتيب الأولويات وأهمية المشاريع، وإرسالها الى "المالية" مجدداً.وعن مصير الدَّين في ظل وصول سعر النفط الى مستويات عالية، قالت إنه سيُطرح دون تأجيل، فالتشريعات الحكومية قائمة دون تغيير، ولن يتم العدول عنها بسبب أسعار النفط، مشيرة الى أن أسعار النفط الحالية ستساهم في تخفيض العجز وإراحة الميزانية، والعمل وفق منظومة الإصلاحات الكاملة، مضيفة أن "المالية" ستضع الأزمات السابقة التي مرّت بها بعين الاعتبار.وذكرت أن "المالية" ستبحث عن بدائل لتخفيف الاعتماد على النفط لتذبذب أسعاره، لاسيما أن اتجاه العالم الحالي نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، مشيرة الى أن ناقوس الخطر يتمثّل في حال استغنت الدول عن النفط خلال السنوات المقبلة، فلن يصبح له قيمة، موضحة أنه لا يمكن أن نخرج عن التوجه العالمي. وعن كيفية تنويع مصادر الدخل مع عدم المساس بذوي الدخل المحدود، قالت المصادر إن الإصلاحات الاقتصادية متنوعة الأفكار، وإن أي دولة تتخذ قرارا ستتجه نحو تخفيض الدعوم التي لا تمسّ أصحاب الدخل المنخفض، وهذا ما قامت به "المالية" في أسعار الكيروسين والديزل الذي تم تخفيضه، إضافة الى رفع أسعار بنزين ألترا، وهو ما لا يؤثر على المواطن وحياته، مبينة أن الدولة تقدم الخدمات الرئيسية مجاناً، حيث لا توجد ضريبة لاستخدام الطريق، والخدمات الصحية مكفولة بالكامل، كذلك التعليم، وهي أهم 3 نقاط لدى المواطن.وأكدت أن التوجه إلى الدين العام الهدف منه تمويل المصاريف الرأسمالية للدولة، والتي بها استدامة، ومن الممكن توجيه جزء منه للمصروفات الضرورية، وهو ما ينص عليه القانون للاقتراض.
تحقيق الاستدامة
وفي سؤالها عن نفاد سيولة الاحتياطي العام، وجواز استخدام أموال الدين العام في توفير السيولة للرواتب، قالت المصادر نفسها إنه يجوز استخدامها، لكن ليس هذا الغرض من الدّين العام، حيث إن الغرض هو مساعدة الميزانية في تمويل احتياجاتها، ولذلك؛ لماذا نتجه الى الرواتب، في حين بإمكاننا الذهاب الى المدن الإسكانية؟ فنحن نريد أن تكون لدينا أموال تساعدنا في تحقيق استدامة تجلب لنا إيرادات مستقبلية ونستطيع السداد كذلك.وأكدت أنه بالإمكان استخدام أموال الدين العام، كذلك، في تمويل المدن الإسكانية كالمطلاع وجنوب سعد العبدالله، موضحة أن هناك اقتراضا من أجل أن تكون لدى الدولة موارد مالية إضافية، لكن على الدولة توظيفها التوظيف الصحيح، حيث لا تُصرف في أوجه من دون مردود، ولا يستطيع أخذ الدين وصرفه بالكامل على المرتبات، فإننا بذلك لا نكون عملنا شيئا، بل يجب بناء وتشييد بنى تحتية ومشاريع رأسمالية، وهذا هو الهدف منه. ولفتت إلى أن مكافأة الصفوف الأمامية لن تموّل من قانون الدين العام، لاسيما أن الدين العام له شروط وقوانين خاصة للاقتراض، مفيدة بأنه لو كانت الجهات الحكومية انتهت من إجراءاتها خلال الفترة الماضية لبدأنا بالصرف، إلّا أن التأخير في التدقيق على الأسماء ساهم في عرقلة الصرف، بدليل عودة الأسماء الى ديوان الخدمة.وأوصت المصادر وزارة المالية بضرورة الدفع بإقرار قانون الدين العام مع بداية دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة، نظراً لأهميته للإنقاذ من مخاطر نفاد السيولة، وتوفير جزء من "الكاش".وأشارت الى أن الحديث عن إصدار سندات تكون متاحة للمواطنين سابق لأوانه في الوقت الراهن، خاصة أن إدارة الدين العام لا تزال تدرس إمكانية الاقتراض بشكل غير مباشر من المواطنين أو الشركات المحلية، من خلال إصدار سندات وصكوك حكومية، مفيدة بأن "الصورة لا تزال غير واضحة".وأشارت المصادر الى أن خيارات إقرار الدين العام مطروحة لمعالجة العجز، مفيدة بأنها مطلب حكومي رسمي، وليس بالأمر الجديد، خاصة أن قانون الدين العام في أروقة مجلس الأمة باللجنة المالية، حيث عطل في الفترة السابقة لعدم وجود وفاق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.وأكدت أن الحكومة ستحاول في دور الانعقاد الحالي الاستعداد لطرحه بقوة في الفترة المقبلة، وسيكون "باكيج" ضمن حلول إنقاذ الميزانية من العجز ونفاد السيولة، رغم ارتفاع أسعار النفط.يذكر أن وزير المالية قال، في بيان سابق، إن ارتفاع إيرادات النفط أخيرا "لا يغطي التزامات الميزانية ولا يؤجل أو يقلل من العزم لسنّ قوانين تهدف إلى توفير السيولة في خزينة الدولة"، مضيفا أن "سعر التعادل في ميزانية الدولة للسنة المالية 2021/ 2022 يبلغ 90 دولارا لبرميل النفط، حتى يصبح العجز في الميزانية صفرا".