لو كنا نعيش تحت ظلال حكومة حزبية أو شعبية، كما كان يطالب البعض قبل سنوات، لكانت أوضاعنا خلال الأسبوع الفائت أقرب لليمن الجنوبي منها لبلجيكا بالتأكيد، حيث قوات علي ناصر محمد تشتبك مع قوات عبدالفتاح إسماعيل، وحيدر العطاس يراقب الموقف وعلي سالم البيض بانتظار الانقضاض على الكرسي.مشكلة أغلب ربعنا في الكويت حديتهم وحبهم للتصنيف السريع، إذا لم تكن معي فأنت ضدي، إن لم تكن مع الحراك فأنت حكومي، إذا كنت ضد التخوين والعنف اللفظي فأنت مع المرتشين والقبيضة، قادسية والعربي، ويبدو أن هذه طريقتهم الأسهل والأسلم لتفسير الأحداث المتتالية، عوضاً عن تحليل الأزمات وفهم أسبابها الحقيقية والتنقيب عن جذورها الاجتماعية والسياسية العميقة، فتستولي على عقولهم بالنهاية نظرية المؤامرة أو العدو الوهمي المسيطر على مجريات الأحداث والقادر على كل شيء.
السياسة ليست فن الارتطام المتواصل بالحوائط والجبال، ثم البكاء على الإصابات والأطلال، ومثلما قبلتم في مرحلة ما بكونكم أغلبية واصطففتم بحق أو بباطل ضد الآخرين فعليكم القبول اليوم والخضوع لرأي الأغلبية حديثة التشكل، وكرتُ الشعبوية والقبلية الرابح الذي طالما استخدمتموه لصالحكم عليكم تحمل انقلاب موازينه ضدكم، وليذق بعضكم بأس بعض، فمن يدخل اللعبة - أي لعبة - ويفسد قوانينها يتحمل نتائجها بكل الأحوال.فلا يلام عبيد الوسمي، اليوم، لأنه سعى للعفو عن مجموعة من أبناء الوطن، بل يلام من افترض المثالية والثبات في رجل السياسة، وأن عليه أن يكون صنماً يواجه العواصف والأعاصير، منتظراً منها أن تغير اتجاهها وفقاً لرغباته وصرخاته، المشكلة في أفكارك التي تريد من الواقع أن يسايرها، وليست في الواقع الذي سيبقى هكذا متحركاً ومتقلباً، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ناهيك أن عبيد لم يحاور السلطة ليطلب شيئاً لنفسه ليستحق كل هذا النقد والتصيد والتخوين، وهذه نقطة تحسب له، وإن كان هناك من يستحق ذلك في مثل هذه الحالة فهُم المستفيدون من هذا العفو، وليس الساعي لمصلحتهم، فببساطة شديدة بإمكان من لم يعجبه العفو عدم الاستجابة له والاستفادة منه وإبقاء الحال كما هو عليه إرضاءً لأصحاب الأيادي المغمورة في الماء، ثم إن مثل هذه اللغة الحادة والتخوين لم نسمعهما عندما عاد كل من وليد الطبطبائي وفهد الخنة معتذرَين ومقدمَين فروض الولاء والطاعة مجاناً دون مقابل.البعض يحاول الخلط بين التعامل مع مرزوق الغانم والعفو بحد ذاته، في سبيل ثني عبيد عن مساعيه، متناسين أن عبيد لا يمثل نفسه، فهو عضو واحد فقط، مع نواب آخرين، فإذا كان عبيد كما يحاول أن يصور البعض هو من يتحكم في زملائه ويحركهم ويقرر عنهم فعندها سيكون مرزوق الغانم آخر همنا، وعلينا التفكير بجدية حينها في مقاومة "السوبرمان" عبيد الوسمي.
أخر كلام
نقطة: قصة نجاح عبيد
29-10-2021