إعلان الحكومة خفض الإنفاق غير مُلزِم ولا مهني
• ضرورة تبني إصلاحات عاجلة وإصلاح جوهري للتعليم ومواجهة استشراء الفساد
• التسامح مع قانون الدين العام دون وجود برنامج ملزم للإصلاح يعمق الاختلالات الهيكلية
ذكر «الشال» أن بعثة صندوق النقد تنتقد تأخر وضعف دقة وأحياناً غياب الإحصاءات الضرورية للحسابات القومية، وتعرض المساعدة، والإحصاءات الطازجة والدقيقة هي زاد سياسات الإصلاح، ومن دونها لا يمكن صياغة ومتابعة وقياس نجاعة تلك السياسات.
قال تقرير مركز الشال الاقتصادي الاسبوعي انه في 20 أكتوبر الجاري، صدر بيان ختامي لبعثة صندوق النقد الدولي لمشاورات المادة الرابعة لعام 2021، ورغم اعتقادنا بغياب أي جديد في البيان، فإننا نرى من المفيد استعراض بعض محتواه من زاويتي الاتفاق أو عدم الاتفاق معها، ويمكن تقسيم نقاط البيان محل التعليق إلى ثلاثة محاور؛ محور ما تم إنجازه بنجاح، ومحور ما نعتقد أنها قضايا تناولها بشكل خاطئ، ومحور ما نعتقد أنها تحذيرات مستحقة من قبله.وفي المحور الأول، ذكر البيان أن الكويت حققت قصتي نجاح في زمن الجائحة؛ الأولى هي مواجهة الوباء بالاحترازات الوقائية، وفيها يذكر أن الكويت نجحت في تطعيم 70% من المستهدف من السكان بجرعتين، و80% من المستهدف بجرعة واحدة، ما مكنها من عودة شبه آمنة لنشاط اقتصادها بعد تراخي إجراءات المنع والحجر.والثانية، وسبق لنا الإشارة لها، هي نجاح القطاع المالي بإشراف بنك الكويت المركزي في اجتياز تداعيات الجائحة بأقل التكاليف الممكنة، ومؤشراته نمو الائتمان ونمو الودائع وانخفاض مع تغطية عالية للقروض المتعثرة وتجاوزها لأسوأ سيناريوهات الضغط، وبدء تعافي أرباحها...إلخ، ونحن نعتقد بصواب تحليله في الحالتين.
وفي المحور الثاني، نعتقد بخطأ التحليل في أكثر من موقع، فالبيان يكرر أن الجمود السياسي سبب في عرقلة جهود التصدي للمخاطر المالية وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المعززة للنمو، والواقع أن الجمود السياسي هو نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق تلك الإصلاحات وليس ما تسبب فيها. خطأ التحليل في موقع آخر عندما يعتبر أن إعلان الحكومة خفض النفقات العامة 10% قرار إصلاحي، فإلى جانب أنه قرار غير ملزم، وأنها زادت النفقات العامة لنفس السنة المالية بنحو 7% والآن تدعو إلى تخفيضها، هو أيضاً قرار غير مهني، حيث يفترض أن يسمي القرار بنود الخفض، أما البديل، فقد يطال الخفض إن تحقق، أفضل بنود الإنفاق لمجرد أنها لا تثير رد فعل غير شعبي. خطأ التحليل الثالث، هو دعوته إلى أسبقية التسامح مع قانون الدين العام على برنامج ملزم للإصلاح المالي ثم الإصلاح الاقتصادي وهو ما يمكن أن يعمق من الاختلالات الهيكلية لو توفرت سيولة جديدة مع استمرار نهج الحكومة القديم.الخطأ الرابع كان في تجاوزه لأهم مبادئ علم المالية العامة، عندما لا يفرق بين الدخل وبيع الأصل، وتبعات القبول بالخطأ على استدامة المالية العامة والاقتصاد وضحية إن استمر الخلط على المديين المتوسط والطويل.وفي المحور الثالث، تحذيرات نعتقد بصواب محتوى البيان حولها، فالبعثة تؤكد أن الانتعاش الاقتصادي يتعرض لمخاطر انكسار، والتأخير في تبني إصلاحات مالية وهيكلية قد يؤدي إلى تفاقم المخاطر وتقويض ثقة المستثمرين وعرقلة التقدم نحو المزيد من التنويع الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية.ولم تغفل البعثة التنويه إلى أن التحسن المحتمل في عجز الموازنة العامة والذي قد يتحول إلى فائض للسنة المالية الحالية ليس للسلطات المحلية دور فيه، وإنما هو نتيجة لتحسن مؤقت في أسعار النفط، وذلك المستوى من الأسعار لن يستمر على المدى المتوسط، ناهيك عن الطويل.وتنتقد البعثة تأخر وضعف دقة وأحياناً غياب الإحصاءات الضرورية للحسابات القومية، وتعرض المساعدة، والإحصاءات الطازجة والدقيقة هي زاد سياسات الإصلاح، ومن دونها لا يمكن صياغة ومتابعة وقياس نجاعة تلك السياسات.ويشير التقرير بشكل صحيح وإن على نمط توصيات المؤتمرات، إلى أهمية الوقت وضرورة تبني إصلاحات عاجلة، ويشير إلى ضرورة إصلاح جوهري للتعليم، ويشير إلى ضرورة قصوى لمواجهة استشراء الفساد، وكلها إشارات مستحقة.