بعد مرور أكثر من شهر على أول جولة محادثات بين الرياض وطهران في عهد الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي، وتأكيد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن الجولات الأربع من المشاورات كانت استكشافية وودية "إلا أنها لم تؤد إلى أي اختراق"، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في مقابلة نشرت أمس، إن السعودية "تتحرك ببطء" في محادثاتها مع طهران، وسط تصعيد تشهده عدة محاور بالمنطقة، وخصوصا في اليمن ولبنان.

وفي مقابلة مع صحيفة "إيران اليوم"، ذكر عبداللهيان: "جرت محادثات مع السعودية بوساطة عراقية عقب قرار تم اتخاذه على المستوى الوطني، وبالتنسيق مع جميع الإدارات وأجهزة السياسة الخارجية المسؤولة عن تنفيذ السياسة الخارجية، لكننا نشعر بأن السعوديين يتحركون ببطء في هذا الصدد"، مضيفا أن سلوك الرياض تجاه طهران "لم يكن بناء في السنوات الأخيرة"، وهذا الأمر "تم تسجيله في الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني".

Ad

وكانت "الجريدة" علمت أن السعودية طلبت من إيران في الجولة الرابعة، التي جرت في بغداد أواخر سبتمبر الماضي، ضمانات بشأن اليمن، وضرورة أن تتحرك طهران مع المتمردين الحوثيين للقبول بالحل السياسي، في حين كانت طهران مستعجلة على فتح القنصليات، تمهيدا لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في خطوة قال مراقبون إنها تنوي استغلالها في المفاوضات النووية مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

حرب باردة

في هذه الأثناء، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أمس، بأن حكومته ستعمل كل ما هو مطلوب من أجل تحييد التهديد الإيراني، معتبرا أن هناك حربا باردة بين إسرائيل وإيران، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية ببدء تدريبات عسكرية لمحاكاة حرب واسعة النطاق مع حزب الله اللبناني.

وقبل مغادرته إلى غلاسكو الأسكتلندية للمشاركة في قمة المناخ، حذر بينيت من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، قائلا: "ليس خفيا على أحد أنها تشهد حاليا أكثر مرحلة تقدما من ناحية قدراتها على تخصيب اليورانيوم".

وإذ أكد أنها "تموضعت على مدار آخر 30 عاما حول إسرائيل بهدف إلهائها"، اعتبر بينيت أنه "من خلال الدمج بين القدرات العسكرية والضغط الدبلوماسي والاقتصادي، مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ستبطئ إيران وتيرتها ثم ستتوقف"، متابعا: "سنقوم بكل ما هو لازم لتحييد هذا التهديد، وسنمارس كل قوتنا وابتكارنا وتكنولوجيتنا واقتصادنا ضدهم في سبيل بلوغ موقع يمكننا من تحقيق التقدم عليهم بعدة خطوات".

حرب شاملة

وفي رسالة واضحة لإيران وحلفائها في المنطقة، تزامنت مع تحليق قاذفة أميركية فوق الشرق الأوسط، برفقة مقاتلات إسرائيلية وعربية، بدأ الجيش الإسرائيلي أمس تدريبات لمحاكاة حرب واسعة النطاق على أكثر من جبهة، واختبار استجابة قواته لإطلاق "حزب الله" اللبناني 2000 صاروخ يوميا على تل أبيب.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أنه أطلق مناورة بعنوان "نقطة تحول" على الجبهة الداخلية، تحاكي عدة سيناريوهات لحرب شاملة على أكثر من جبهة، فضلا عن الهجمات الكيماوية واحتمال اندلاع اضطرابات في البلدات العربية بالداخل.

ويشارك في المناورة آلاف الجنود وقوات الأمن ووحدات الجبهة الداخلية نفسها وهيئة الطوارئ الوطنية وأجهزة الخدمات وكثير من الوزارات والهيئات الحكومية، بهدف الاستعداد لتعرض الجبهة الداخلية لأي هجوم، داخلي أو خارجي، مثل قصف إيراني.

وتحاكي المناورة الضخمة حربا متعددة الجبهات على إسرائيل، تضمن عمليات إجلاء للمستوطنين فعليا، مع الاستعداد للتعرض لهجمات إلكترونية وقذائف وصواريخ يمكنها تعطيل وشل الحياة.

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن تدريبات قيادة الجبهة الداخلية وهيئة الطوارئ الوطنية (راحل) سوف تستمر أسبوعا، وستشهد تدريبا على عمليات إجلاء المدنيين من التجمعات السكنية شمالي إسرائيل.

ومن المقرر أن تأخذ التدريبات في الاعتبار دروسا من المواجهات السابقة التي وقعت في الشمال، ومن حرب مايو التي خاضتها إسرائيل مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، ومن حرب عام 2006.

قاذفة ومقاتلات

ومع بدء سلاح الجو الإسرائيلي التخطيط لمحاكاة تنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية في الأشهر المقبلة، أعلنت القوات الجوية الأميركية إرسال القاذفة "بي 1 بي لانسر" الاستراتيجية، فوق نقاط بحرية رئيسية في الشرق الأوسط، بالتنسيق مع حلفاء بالمنطقة.

واستمرت دورية القاذفة والطائرات المقاتلة المرافقة لها "خمس ساعات بدون توقف في المحيط الهندي، وحلقت فوق خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس والخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان قبل أن تغادر المنطقة".

وأوضح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي أن هدف الرئيس جو بايدن من إرسال القاذفة هو طمأنة الحلفاء الإقليميين، مضيفا: "نحن أقوى معا، والاستعداد العسكري لأي حالة طوارئ أو مهمة، مثل الاستجابة للأزمات والتدريبات والدوريات، يعتمد على شراكات موثوقة".

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن القاذفة الأميركية حلقت فوق مضيق هرمز، الاستراتيجي بين إيران ودول الخليج العربي، والذي يمر عبره 20 في المئة من إجمالي تجارة النفط، كما حلقت فوق البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وقناة السويس. وانضمت طائرات مقاتلة من البحرين ومصر وإسرائيل والسعودية إلى جانب القاذفة فوق أجوائها.

وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الرحلة تجسد "التعاون العملياتي المستمر مع القوات الأميركية في المنطقة". وكان مضيق هرمز مسرحا لهجمات على سفن للشحن البحري، واتهمت إيران بالوقوف وراءها في السنوات الماضية، بينما شهد البحر الأحمر هجمات مماثلة، وسط توتر بين طهران وإسرائيل.

السلاح النووي

إلى ذلك، أكد مصدر رئاسي فرنسي من روما أمس أن إيران تقترب من تصنيع سلاح نووي، ما يثير قلقا عالميا، مضيفا ان "إيران تريد كسب الوقت قبل العودة إلى التفاوض"، وأشار الى أن "باريس تعمل مع روسيا والصين لإعادة إيران للتفاوض".

وأعربت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، إثر اجتماع لقادتها على هامش قمة مجموعة العشرين أمس الأول، عن "قلقها الكبير والمتنامي" حيال النشاطات النووية المستفزة لإيران، ودعتها إلى "تغيير موقفها".

في المقابل، اتهم رئيس الدفاع المدني الإيراني غولمارزا جلالي إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء الهجوم السيبراني على محطات وقود وبنوك وشركة إعلانات خلال اليومين الماضيين.

وقارن جلالي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي ليل السبت - الأحد، من الناحية "التقنية بين الهجوم على محطات الوقود يوم الثلاثاء، والهجومين السابقين على نظام السكك الحديد وميناء الشهيد رجائي، اللذين نفذهما بلا شك أعداء إيران: الولايات المتحدة والنظام الصهيوني"، مؤكدا ان "الخلاصة أثبتت أنها كانت متشابهة" إلى حد كبير.

وأعلنت وزارة الطرق في يوليو الماضي تعرضها لـ"اختلال" إلكتروني ترافق مع اضطراب واسع في حركة القطارات تسبب في "فوضى غير مسبوقة".

وفي مايو 2020، تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن وقوف إسرائيل خلف هجوم معلوماتي طال ميناء رجائي المطل على مضيق هرمز، ردا على هجوم إلكتروني إيراني على منشآت هيدروليكية مدنية إسرائيلية.

ووفق وكالة "إرنا" الرسمية، عادت أمس الأول نحو 3200 محطة لتوزيع الوقود، من أصل 4300، بالنظام الإلكتروني، أما المحطات الأخرى فتقوم بتزويد المركبات بالمحروقات، لكن وفق السعر "الحر"، وهو ضعف المدعوم.