لا تزال الأزمة بين لبنان ودول الخليج تأخذ مداها، معيدةً إحياء الاصطفافات السياسية العمودية بين الفرقاء والمحاور، خصوصاً بعد إعلان وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي تسببت تصريحاته في تلك الأزمة، أمس، رفضه الاستقالة، وصدور موقف جديد عن "حزب الله" يتمسك به ويرفض الضغوط "الخارجية والداخلية" عليه، في وقت دعت الإمارات مواطنيها في لبنان إلى ضرورة "العودة لأرض الوطن".يأتي ذلك، في وقت تعمل بعض الأطراف ومنها رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وفق منطق "امتصاص الصدمة"، بهدف الحفاظ على الحكومة.
وتؤكد مصادر سياسية رفيعة أن ميقاتي لا يريد الاستقالة، لكنه حاول التلويح بها لعلّه يستدرج المزيد من العروض، التي قد تصل إلى حد استقالة قرداحي فيكون ذلك ثمناً لإعادة تعويم الحكومة، غير أن موقف قرداحي و"عرابَيه" السياسيين "حزب الله" ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الرافض للاستقالة، وضع مساعي ميقاتي في مأزق. وتوضح المصادر أن ميقاتي تواصل مع "حزب الله" بشكل غير مباشر عند اندلاع الأزمة، وأبلغه أنه في حال لم تعالج المشكلة، فإنه ينوي تقديم استقالته، لكن الحزب شعر بأن ميقاتي يحاول استدراج عروض، فرد بأنه غير مهتم ببقاء الحكومة وليس معنياً بأي قرار يتخذه رئيسها.ودفع ذلك ميقاتي للتراجع خطوة إلى الوراء، فتواصل مع الفرنسيين والأميركيين في محاولة لإيجاد مخرج، وبالفعل طلب منه الفرنسيون التريث مؤكدين أنهم سيدخلون في وساطة لحماية الحكومة والبحث عن تخفيف الإجراءات الخليجية.كذلك أُبلغ ميقاتي، حسب ما قال وزير خارجيته، بموقف أميركي يشير إلى ضرورة الحفاظ على الحكومة، لأنها ضامن للاستقرار، وهكذا ضمن ميقاتي موقفاً دولياً إلى جانبه. في الوقت نفسه، يحاول ميقاتي، انطلاقاً من الحفاظ على حكومته، التواصل مع عدد من الدول العربية، بينها مصر، إلى جانب رهانه على الدورين الفرنسي والأميركي، ليبقى في موقعه، غير أن مصادر معارضة له تعتقد أنه لن يتمكن من البقاء على رأس حكومة تكرّس القطيعة مع دول الخليج، وأن نهجه هذا سيقود إلى التعاطي معه كما كان لدى تشكيله ما يعرف بـ "حكومة القمصان السود"، أو "حكومة الانقلاب"، من قبل "حزب الله" عام 2011.ولم تعد المشكلة بين لبنان ودول الخليج محصورة بتصريح قرداحي، أو باستقالته، بل بمسار سياسي يضع لبنان على سكة بعيدة جداً عن توجهات دول الخليج، في حين تؤكد المصادر أن ميقاتي لن يكون قادراً على الاستمرار في هذا المسار، لأن نتائجه ستكون سيئة جداً على الوضع الاقتصادي والمالي من جهة، وعلى الأوضاع السياسية والأمنية من جهة أخرى، لأن ذلك سيؤدي إلى حصول استنفار سياسي كبير في البلد.استقالة قرداحي أصبحت تفصيلة في الأزمة الكبرى، وتعتبر مصادر قريبة من السعودية أن خطوة قطع العلاقات هي نوع من صدمة أرادت الرياض إحداثها في لبنان، وخصوصاً لدى حلفائها، للاستفاقة من زمن النوم، وهي لا تعكس انسحاباً سعودياً، بقدر ما هي استعداد للتدخل والاهتمام أكثر على قاعدة واضحة؛ مفادها أنه إذا أراد حلفاء السعودية دوراً لها بلبنان، فعليهم أن يتحركوا، أما إذا أرادوا الاستمرار في حالة الاستسلام فسيخسرون كما سيخسر لبنان، وعندها لا تكون الرياض معنية بأي تسويات أو مساعدات. وتقول المصادر إن الخطوة السعودية تؤشر إلى أن العلاقة انتقلت إلى مرحلة جديدة، أي انتهاء زمن المواقف الرمادية.
أخبار الأولى
لبنان: قرداحي يرفض الاستقالة بدعم من «حزب الله»
01-11-2021