لا يزال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يراهن على امكانية استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، لمنع تصعيد خليجي محتمل جديد بالدرجة الأولى، ثم اعطاء فرصة لفرنسا التي التقى أمس رئيسها ايمانويل ماكرون في غلاسكو على هامش قمة المناخ، للمضي في اتصالاتها التي بدأتها بالفعل مع السعودية لاحتواء الأزمة.

وبعد ان حاز ما يشبه الغطاء الأميركي للحكومة، وهو ما تجسد خصوصاً في مشاركة القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان بأول اجتماع لخلية الأزمة الحكومية التي بحثت الأزمة مع الخليج، تلقى ميقاتي جرعة دعم اوروبية، واميركية في غلاسكو، بهدف المحافظة على الاستقرار، كما افادت مصادر مقربة منه لوسائل إعلام لبنانية.

Ad

وأجرى ميقاتي مشاورات هاتفية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول الخطوات الواجب اعتمادها لمعالجة التطورات، واطلع عون على نتائج الاتصالات التي اجراها مع عدد من المسؤولين الدوليين المشاركين في القمة، والتي تناولت الموضوع نفسه.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه بحث مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان «الوضع في لبنان» وذلك في لقاء عقد أمس الأول على هامش مشاركتهما بقمة مجموعة العشرين في روما.

والتقى ميقاتي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وخلال اللقاء أكد أمير قطر أنه سيوفد وزير خارجيته الى بيروت قريبا، للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان، ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة، ولا سيما معالجة الأزمة اللبنانية - الخليجية، وقد شكر الرئيس ميقاتي أمير قطر "على موقفه الدائم الداعم للبنان".

اجتمع ميقاتي مع رئيس الحكومة الكويتي سمو الشيخ صباح الخالد بحضور وزير الخارجية الشيخ د. أحمد الناصر. وأكد "حرص لبنان على العلاقة الوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على معالجة أي ثغرة تعتريها بروح الأخوّة والتعاون".

كما عقد الرئيس ميقاتي اجتماعا مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا التي أكدت أن "الصندوق" عازم على مساعدة لبنان للنهوض من أزمته الحالية"، واعتبرت" أن خطة التعاون التي يجري العمل عليها تشكّل فرصة يجب إنجاحها من كل المعنيين، لأنها باب الحل الوحيد المتاح".

رسالة من غلاسكو

وغداة تمسك قرداحي بعدم الاستقالة مدعوماً من حزب الله الذي رفض أي «ضغوط داخلية وخارجية» لاستبعاد الوزير المحسوب على زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، كشفت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المؤيدة لحزب الله، مضمون رسالة على تطبيق «واتساب» بعثتها ميقاتي من غلاسكو الى وزرائه.

وجاء في الرسالة التي نشرتها «الاخبار» حرفياً: «أعزائي جميعا، الله وحده يعلم مدى سعادتي بهذه المجموعة المميزة، ويزداد سروري بجديتكم بالعمل والمثابرة من أجل انجاح مسيرتنا، ولا أخفي عليكم انني كنت ناشدت سابقا وزير الإعلام جورج قرداحي بأن يغلّب حسه الوطني على أي أمر آخر، ولكن هذا لم يُترجَم واقعياً، وعليه نحن أمام منزلق كبير. وإذا لم نتدارك حل هذه الأزمة سريعا، نكون وقعنا في ما لا يريده أحد منا. اللهم اشهد أني قد بلغت».

«الأزمة أكبر منا»

في غضون ذلك، نفى وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بوحبيب، وجود خلاف بين لبنان مع كل دول الخليج، وقال في مقابلة تلفزيونية إن «عُمان وقطر أبدا لم تقطعا العلاقات معنا ولا سحبتا سفراء ولا أي إجراء، سفيرنا في الإمارات ما زال هناك والقنصل العام بالإمارات ما زال هناك، لكن الإمارات سحبت دبلوماسييها، لكن يبدو أن السعودية لديها ظروف ولها موقفها، نحن لا نتفهمها، نعتقد أن هناك قساوة علينا لأن المشاكل الخاصة بين أي دولتين تحل بالحوار أو نبدأ بحلها بالحوار، فكيف اذا كانت بين شقيقين؟!».

وأضاف: «العلاقة بين المملكة ولبنان تاريخية منذ تشكل البلدين والعلاقة ممتازة بينهما لكن لم يكن حوار من دولة الى اخرى»، داعياً المملكة رلى حوار.

وتعليقاً على تصريحات نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان التي اعتبر فيها أن مشكلة السعودية مع لبنان ليست تصريحات قرداحي المسيئة للمملكة بل «هيمنة حزب الله»، قال بوحبيب: «اليوم الأزمة لم تعد بين أيدينا، أصبحت أكبر منا كحكومة أو وزراء، وربما تصبح أكبر من لبنان».

انفصام حكومي

وفي لهجة تظهر «الانفصام» الذي تعيشه حكومة ميقاتي الائتلافية، شدد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، على أن «لبنان لا يمكنه أن يكون منصّة للهجوم على أي دولة شقيقة، انطلاقاً من ثوابت المصلحة الوطنية»، مضيفاً أن «ما تطلبه السعودية منا يؤمّن مصلحة الشعب اللبناني».

وأعرب مولوي عن التزامه بصفته وزيراً للداخلية بـ«القيام بما يلزم لمنع تهريب المخدرات وحبوب الكبتاغون عبر مطار بيروت الدولي والمعابر الحدودية، إن عبر المرفأ أو المعابر البرية».

وأمس الأول، دار سجال بين وزراء في الحكومة على «تويتر»، وغرد ‏وزير الأشغال العامة علي حمية بأن «السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان تسمو على كل اعتبار، فألف نعم ونعم للندية في العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل»، معقبا: «ألف نعم ونعم لشدّ الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز».

من جهته، قال وزير الصحة فراس الأبيض عبر حسابه: «صحيح الحياة وقفة عز، وهي أيضا وقفة وفاء، وأقولها كلبناني أقام وعمل في المملكة لسنين، مع كامل التقدير لكل ما قدمته وتقدمه دول الخليج للبنان».

أما وزير البيئة ناصر ياسين، فغرد: «لا تدار الأوطان بتغريدات بطولية وأوهام الانتصارات، بل بحكمة وتروّ لمعالجة الكم الهائل من الأزمات».

القائم بالأعمال

إلى ذلك، غادر القائم بأعمال السفارة اللبنانية في الكويت، هادي هاشم، أمس الكويت عائداً الى بيروت بعد طلب الخارجية الكويتية مغادرته، الى جانب سحب السفير الكويتي من بيروت تضامناً مع السعودية.

وقبيل سفره، قال هاشم في بيان: «قبل ساعات قليلة من مغادرتي دولة الكويت الشقيقة، لا بدّ لي أن أشكر كل من سهّل مهمتي وساعدني على تحقيق ما استطعت إنجازه خلال سنة من الزمن، وأنوّه بفريق عمل السفارة من دبلوماسيّين وإداريّين، ومجلس العمل اللبناني في الكويت، ولجنة الصداقة اللبنانية الكويتية، وكلّ الأصدقاء من كويتيّين ولبنانيّين».

وأشار، في بيان، إلى «أنّني أخص بالشكر وزير الخارجية الكويتية الشيخ أحمد الناصر، على كلّ ما قام ويقوم به من أجل لبنان، ونحن نعوّل عليه وعلى حكمته وبعد نظره ودبلوماسيّته، لإيجاد المخارج المناسبة لهذه الأزمة العابرة بين لبنان وإخوته في دول الخليج العربي»، مؤكّدًا أنّ «الكويت ساحرة، تعشق عمق ثقافة أبنائها وسعة معرفتهم، كما تنحني إجلالاً لفسحة الحرية والديمقراطية الكبيرة التي أرساها حكم آل صباح لها، وعلى رأسهم أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ومَن سبقه من أمراء هذه العائلة الكريمة، المحبّة للبنان واللبنانيّين. شكرا كويت العز، وعلى أمل اللقاء القريب».