رغم استمرار حالة العصيان المدني والاحتجاجات المناهضة لاستيلاء الجيش على السلطة في عدة مدن سودانية، بينها الخرطوم، قرر مجلس «نظارات البجا» القبلي، أمس، رفع حصاره الذي فرضه منذ 6 أسابيع على الميناء الرئيسي للبلاد بمدينة بورتسودان لمدة شهر.

وقال مقرر المجلس القبلي، عبدالله أوبشار، الذي فرض الحصار في سبتمبر الماضي، إنه تم رفع الحواجز في الميناء، وكذلك على الطريق الرئيسي المؤدي إلى الخرطوم، اعتباراً من صباح أمس لمدة شهر.

Ad

وأضاف أوبشار أنه تقرر رفع الحصار، الذي تسبب في أزمة شح كبيرة بالمحروقات والمواد الغذائية بعموم السودان، للسماح بتشكيل الحكومة الجديدة، التي وعد بها قائد القوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان بعد حلّه مجلسي السيادة والوزراء، وإقصاء المكون المدني من إدارة المرحلة الانتقالية التي أعقبت عزل الرئيس عمر البشير في 2019.

لكن مقرر «البجا» تعهّد بفرض الحصار مجدداً، بعد شهر واحد، لحين تنفيذ بقية مطالب المجلس التي تضمنت، إضافة إلى إطاحة حكومة عبدالله حمدوك، الدعوة إلى تشكيل حكومة عسكرية وإلغاء بنود تخص المنطقة الشرقية باتفاق السلام الذي وقّعته السلطات المركزية مع حركات متمردة في جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان.

وجاء تعليق شل ميناء بورتسودان بعد أسبوع من قرارات البرهان، ووسط اتهامات يطلقها معارضو «الانقلاب العسكري» للجيش بتدبير حصار الميناء الحيوي، المطل على البحر الأحمر، بهدف الضغط على الزعماء المدنيين وتبرير خطط إنهاء الحكم المدني في نهاية المطاف.

في المقابل، أعلنت «كتلة اللجان التسييرية والتمهيدية» لنقابات العاملين بالشركات المنتجة والناقلة لخام النفط، مواصلة العصيان المدني بالحقول والمكاتب، رفضاً لقرارات البرهان.

ودعت لجنة المعلمين، في بيان أمس، المعلمين إلى الدخول في إضراب عن العمل في جميع الولايات. وأفاد «تجمّع المصرفيين» باستمرار الإضراب والعصيان في جميع البنوك.

في غضون ذلك، أفاد مصدر في القصر الرئاسي بأنه تم اعتقال جميع الذين أفرج عنهم أمس الأول من رموز نظام الرئيس المعزول.

وذكرت مصادر أن إعادة الاعتقال جاءت بأمر من البرهان. ومن بين من أعيد توقيفهم، رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل إبراهيم غندور، والمتحدث السابق باسم جهاز المخابرات العامة، اللواء الشاذلي المادح، ورئيس حزب دولة القانون والعدالة محمد الجزولي.

وقبل إعادة اعتقاله دعا غندور، الأحزاب السياسية إلى «مصالحة وطنية شاملة»، مشدداً على حاجة بلاده إلى حوار لتجاوز الأزمة السياسية.

وأفرجت السلطات عن الغندور وآخرين بقرار من النائب العام مبارك محمود، الذي أقاله البرهان من منصبه على الفور.

من جانب آخر، دخلت جوبا على خط الوساطات الإقليمية الدولية الرامية لإيجاد حل توافقي بين المكون المدني والإدارة العسكرية لتفادي انزلاق البلاد إلى «مواجهة فوضوية»، مع اتخاذ قوى غربية في مقدمتها الولايات المتحدة خطوات باتجاه عزل سلطة الجيش.

ووصل وفد من جنوب السودان إلى الخرطوم مساء أمس الأول، برئاسة مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، توت قلواك، ووزير الخارجية مييك أيي دينق.

وأكد مييك دينق أن «الوفد يحمل رسالة من الرئيس سلفا كير، لدعوة القيادة السودانية إلى الدخول في حوار شامل».

من جهته، ناشد وزير خارجية جنوب السودان، كل الأطراف في الخرطوم بذل أقصى الجهود لضمان الاستقرار والسلام، ومراعاة المصالح العليا للبلاد وتغليبها على المصالح الحزبية والشخصية.

على صعيد آخر، أشار قائد القوات المسلحة السودانية في حوار مع وكالة «سبوتنيك»، إلى وجود ما وصفها

بـ «ملاحظات حول اتفاق إنشاء قاعدة بحرية لوجستية روسية» على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر.

وشدد البرهان على ضرورة «معالجة الملاحظات قبل المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق»، لكنّه أكد أن الخرطوم ملتزمة بالاتفاق وستمضي في تنفيذه.

وقال: «لدينا تعاون عسكري قديم مع روسيا ولم ينقطع، وسندعمه بقوة، لأنّ موسكو صادقة في تعاملها، وهي حريصة على تطوير هذا التعاون وحريصة على تطوير القوات المسلحة السودانية، بقدر حرصنا على تطوير هذه العلاقة وعلى تطوير قواتنا المسلحة».