في حيثيات حكمها الذي أيدته محكمة الاستئناف، قالت محكمة أول درجة إن المادة 16 من القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الإدارة العامة للتحقيقات تنص على أن «يكون تأديب أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات من اختصاص مجلس تأديب يُشكل بقرار من وزير الداخلية، يرأسه أحد نواب المدير العام وعضوية مدّع عام وأقدم رئيس تحقيق (أ)، وذلك فيما عدا المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات ونوابه، فيكون تأديبهم وفقا للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 المشار إليه، وينعقد المجلس بمقر الإدارة للتحقيقات، وتضع اللائحة الداخلية قواعد وإجراءات إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها وعمل المجلس وإصدار قراراته والتظلم منها.

Ad

مجلس التأديب

وتنص المادة 17 من ذات القانون على أن «يحال عضو الإدارة العامة للتحقيقات إلى مجلس التأديب بقرار من وزير الداخلية بناء على عرض المدير العام للتحقيقات، ويجوز لمجلس التأديب أن يجري ما يراه لازما من التحقيقات، وله أن يندب للتحقيق أحد أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات الذي لا تقل وظيفته عن رئيس تحقيق (أ)».

وتنص المادة 18 منه على أن «تكون جلسات مجلس التأديب سرية، ويصدر المجلس قراره بعد سماع دفاع عضو الإدارة العامة للتحقيقات المطلوب تأديبه، ولهذا العضو حق الحضور بشخصه أمام المجلس، وله أن يقدّم دفاعه كتابة أو شفهيا أو ينيب في الدفاع عنه أحد أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، وللمجلس دائما الحق في طلب حضور عضو الإدارة العامة للتحقيقات بشخصه، فإذا لم يحضر أو لم يُنب عنه أحدا، جاز إصدار القرار في غيبته بعد التحقق من صحة إعلانه».

التنبيه

كما تنص المادة 22 من ذات القانون على أن «العقوبات التأديبية التي توقّع على أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات هي: (1) التنبيه (2) الإنذار (3) الفصل من الخدمة.

وتصدر عقوبة التنبيه بقرار مسبب من وزير الداخلية، أما عقوبتا الإنذار والفصل فيكون توقيعهما عن طريق مجلس التأديب».

وأضافت المحكمة أن المستفاد مما تقدّم بيانه أن المشرع وسّد تأديب أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات الى مجلس تأديب يصدر بتشكيله قرار من وزير الداخلية، واشترط أن يكون هذا المجلس برئاسة أحد نواب المدير العام وعضوية أحد المدعين العامين وأقدم رئيس تحقيق (أ).

وحيث إنه من المقرر أن الاختصاص بالتأديب الذي يتضمن تشكيلا خاصا يعد من النظام العام، وبالتالي لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه، وأن مشاركة من لم يقصدهم نص القانون في تشكيل مجلس التأديب تعتبر تدخلا في ولاية التأديب بالمخالفة للقانون يبطل به تشكيل مجلس التأديب، وكذلك تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التي تمت أمامه.

كما أنه من المقرر أن قرارات مجلس التأديب التي لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا أقرب في طبيعتها الى الأحكام منها الى القرارات، وبالتالي فإنها تعامَل معاملة الأحكام، ويتعين فيها مراعاة القواعد الأساسية لها، ومن بينها أن يصدر الحكم من هيئة مشكّلة تشكيلا صحيحاً طبقا للقانون، وأنه يترتب على مخالفة هذه القواعد البطلان لتعلّق ذلك بالنظام العام.

وقالت إنه كان الثابت من الأوراق أن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أصدر بتاريخ 12/ 2/ 2019 القرار بمجازاة المدعي بعقوبة التنبيه، نظرا لما نسب إليه من عدم التقيد بالتعليمات الصادرة بشأن الالتزام بواجبات الوظيفة، وسرعة اتخاذ إجراءات التحقيق اللازمة بالقضايا، ومراعاة ذلك مستقبلا، وذلك بعد العرض من قبل المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات بناء على مذكرة إدارة التفتيش الفني.

التحقيقات

ولما كانت جميع الأوراق وكذا ديباجة القرار المطعون قد جاءتا خلوا من الإشارة الى صدور قرار بتشكيل مجلس التأديب، وفقا للتشكيل المشار اليه في القانون برئاسة نائب المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات، وعضوية كل من مدع عام ورئيس التحقيق (أ)، ولم يثبت من الأوراق كذلك صدور قرار من وزير الداخلية بإحالة المدعي الى مجلس التأديب، وفقاً لصريح نص المادة 17 سالفة البيان.

وكان المشرع - حسبما يبين من صريح نص المادتين رقمي 16 و17 من القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الإدارة العامة للتحقيقات - قد نص على أن يكون تأديب أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات من اختصاص مجلس التأديب، وفقا للتشكيل المبين قانونا، وتكون الإحالة لمجلس التأديب بقرار من وزير الداخلية، وكانت جميع الأوراق قد خلت مما يفيد اتباع الجهة الإدارية والتزامها بتلك الإجراءات مع المدعي (المشكو في حقه) أثناء سير التحقيقات معه بالشكوى المقدمة ضده، وكان المشرع من خلال تلك النصوص سالفة البيان قد نص على وجوب اتباع تلك الإجراءات مع أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، باعتبارها من الإجراءات الشكلية التي تشكّل ضمانه مقررة لهم حفاظا على سمعة وهيبة هذا الجهاز، ونظرا لمكانة منتسبيه.

المساءلة

ولما كانت الجهة الإدارية لم تلتزم بتلك الإجراءات مع المدعي أثناء سير التحقيق في الشكوى المقامة ضده، الأمر الذي يوصم القرار المطعون فيه رقم 122/ 2019 بعيب عدم المشروعية ومخالفة القانون، ويضحى من ثم جديراً بالإلغاء، وهو ما تقضي به المحكمة.

وقالت محكمة الاستئناف في حيثيات حكمها إن محكمة أول درجة استعرضت نصوص المواد 16، 17، 18، 22 من القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات، فضلا عمّا هو مستقر عليه من أن الاختصاص بالتأديب الذي يتضمن تشكيلا خاصا يعد من النظام العام، وبالتالي لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه، وأن مشاركة من لم يقصدهم نص القانون في تشكيل مجلس التأديب تعتبر تدخلا في ولاية التأديب بالمخالفة للقانون، ويبطل به تشكيل مجلس التأديب، وكذلك تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التي تمت أمامه، ثم شيدت قضاءها فيما يخص طلب الإلغاء - على أساس مؤداه أن الثابت من الأوراق أن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أصدر القرار بمجازاة المدعي بعقوبة التنبيه، نظرا لما نسب اليه من عدم التقيد بالتعليمات الصادرة بشأن الالتزام بواجبات الوظيفة وسرعة اتخاذ إجراءات التحقيق اللازمة بالقضايا، ومراعاة ذلك مستقبلا، وذلك بعد العرض من قبل المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات، بناء على مذكرة إدارة التفتيش الفني.

وأوضحت «الاستئناف» أن جميع الأوراق وكذا ديباجة القرار المطعون قد جاءتا خلوا من الإشارة الى صدور قرار بتشكيل مجلس التأديب وفقا للتشكيل المشار اليه في القانون برئاسة نائب المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات، وعضوية كل من مدع عام ورئيس التحقيق (أ)، ولم يثبت من الأوراق كذلك صدور قرار من وزير الداخلية بإحالة المدعي الى مجلس التأديب وفقا لصريح نص المادة 17 السالفة البيان.

الإجراءات

وكان المشرع - حسبما يبين من صريح نص المادتين رقمي 16 و17 من القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الإدارة العامة للتحقيقات - قد نص على أن يكون تأديب أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات من اختصاص مجلس التأديب وفقا للتشكيل المبين قانونا، وتكون الإحالة لمجلس التأديب بقرار من وزير الداخلية، وكانت جميع الأوراق قد خلّت مما يفيد اتباع الجهة الإدارية والتزامها بتلك الإجراءات مع المدعي أثناء سير التحقيقات معه بالشكوى المقدمة ضده، وكان المشرع من خلال تلك النصوص السالفة البيان قد نص على وجوب اتباع تلك الإجراءات مع أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات باعتبارها من الإجراءات الشكلية التي تشكّل ضمانة مقررة لهم حفاظا على سمعة وهيبة هذا الجهاز، ونظرا لمكانه منتسبيه، ولما كانت الجهة الإدارية لم تلتزم بتلك الإجراءات مع المدعي أثناء سير التحقيق في الشكوى المقدمة ضده، فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفا للقانون.

«الفتوى» تؤكد عدم المشروعية

أكدت إدارة الفتوى والتشريع، في ردها على تظلّم مقام من أحد المحققين الصادر بحقه عقوبة التنبيه من دون مجلس تأديب، أن الثابت أن الوزارة امتنعت عن إدراج اسم المتظلم ضمن المستحقين للترقية، بسبب أنها قررت معاقبته بعقوبة التنبيه لما ثبت بحقه من إخلال بالواجبات الوظيفية.

وقالت «الفتوى» في مذكرة حصلت «الجريدة» على نسخة منها إن المادة 22 من القانون رقم 53 لسنة 2001 نصت على أن التنبيه هو إحدى العقوبات التأديبية التي توقّع على عضو الإدارة العامة للتحقيقات، واشترط المشرع لصدور قرار عقوبة التأديب الالتزام بإجراءات قانونية محددة، من ضمنها تشكيل مجلس تأديب يتكون من نائب المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات، وعضوية كل من مدع عام وأقدم رئيس تحقيق (أ).

وحيث جاء في ديباجة القرارات الصادرة بتنبيه المتظلم أنها صدرت بعد العرض من قبل المدير العام للإدارة للتحقيقات، بناء على مذكرات إدارة التفتيش الفني فقط، وقد خلت من الإشارة لصدور قرار بتشكيل مجلس تأديب، ولم يثبت من الأوراق صدور قرار من وزير الداخلية بإحالة المتظلم إلى مجلس تأديب يشكّل لغرض التحقيق معه قبل توقيع العقوبة، وبعد التحقيق معه أمام مجلس التأديب، يكون الاختصاص بتوقيع عقوبة التنبيه لوزير الداخلية، ويكون مجلس التأديب المختص بالتحقيق هو المنوط به توقيع عقوبتَي الإنذار والفصل من الخدمة.

الأمر الذي يثبت معه أن القرارات الصادرة بتنبيه المتظلم مخالفة لحكم المادتين 16 و17 من القانون رقم 53 لسنة 2001 المشار إليه، ومن خلالهما نص المشرع على وجوب اتباع إجراءات شكلية وجوهرية تمثّل ضمانات مقررة لعضو الإدارة العامة للتحقيقات حفاظا على مكانته وهيبة هذا الجهاز، الأمر الذي يصم قرارات التنبيه بعيب عدم المشروعية ومخالفة القانون، ويؤدي بها للانعدام، لكونها أهدرت إجراء شكليا وجوهريا نص عليه القانون، وهو أن يقوم قرار العقوبة على سند من تحقيق يقوم به مجلس التأديب، مما يجعل العقوبات الصادرة بتنبيه المتظلم فاقدة لركن من أركان صحة القرار وتودي بها للعدم.

● حسين العبدالله