نموذج لإنسان كويتي رائع في إبداعاته!
هو مُربٍّ، مُعلم، مؤلف، قصاص، مخرج، ممثل، ملحن، ومؤسس حركة المسرح في الكويت الأخيرة... نموذج لإنسان كويتي رائع في إبداعاته! فارق الحياة، وهو واحد من كبار رجالات الدولة... شبّهه مقال نُشر في مجلة العربي عام 1998 للدكتور سليمان الشطي بمارون النقاش، المنُشئ الأول لحركة المسرح في الوطن العربي، في القرن التاسع عشر، ولكنني أراهُ الأقرب إلى جان كوكتو، الفرنسي الذي كان رساماً، وموسيقياً، وسينمائياً، وإذاعياً، وكان كذلك من رجالات المسرح الكبار.وهكذا هو حمد عيسى الرجيب، الذي سآتي، في مقال اليوم، على نتفٍ قليلة عن نشاطه المسرحي فقط، لأنّ الخوض في إبداعاته المتعددة الأخرى يحتاج منا إلى مجلدٍ ضخم. ***
• عندما كان حمد الرجيب يتلقى دراسة المسرح أكاديمياً، في القاهرة بالأربعينيات، على يد عميد معهد التمثيل الأستاذ زكي طليمات، أراد أن يصقل موهبته عملياً، فبعث بهذه الرسالة إلى الفنان يوسف وهبي:"حضرة صاحب العزة يوسف بك وهبي - مدير الفرقة القومية - تحية طيبة وبعد.. أنا طالب من طلاب البعثة الكويتية، أدرس في المعهد العالي للتمثيل، وأود أن أحضر إخراج بعض المسرحيات التي يتولاها سيادتكم لأزيد من ثقافتي المسرحية، وأستفيد من تجربتكم، وخبرتكم... ولدكم حمد عيسى الرجيب".وبالإضافة إلى أنهُ كان يجمع بين منهجين في عالم المسرح، منهج زكي طليمات الأكاديمي، ومنهج يوسف وهبي العملي، فقد كان يحتل مقعده - كل خميس - في مسرح الريحاني، ليتابع جميع أشكال المدارس المسرحية التي كانت مزدهرة في الأربعينيات.*** • حمد الرجيب كان يكتب عن المسرح الإغريقي لمجلة البعثة التي كانت تُعنى بالثقافة، والتي كان يرأس تحريرها عبدالعزيز حسين، ويشارك في تحريرها عدد من الدارسين الكويتيين في القاهرة، وكان للرجيب، النصيب الأوفر في تأليف وإخراج المسرحيات التي كان يقدّمها بيت الكويت في المناسبات الدينية والاجتماعية، وكان يشارك في التمثيل كذلك، وتمتد تجربته في التمثيل والإخراج إلى أيام المدرستين المباركية والأحمدية، حينما ألّف وأخرج مسرحية "أبو محجن الثقفي"، وأعد مسرحية شكسبير "تاجر البندقية" وأخرجها كذلك، وكتب وأخرج مسرحية "الميت الحي".***من الصعب عليّ أن أحصي معطيات حمد الرجيب لوطنه عقب عودته من القاهرة، يكفي أنه كان يحتضن المواهب، ويدفع بها للانخراط في الأعمال الفنية، مثلما كان يشجع الطلاب الموهوبين كالنشمي والعجيري، والخطيب، والمنيع، وغيرهم... حيث امتدت يد الرجيب إليهم لتبدأ في خمسينيات القرن الماضي نهضة مسرحية، هي الأولى من نوعها في دول المنطقة.حمد الرجيب ظاهرة كويتية نادرة، وقد لا تتكرر، ولكن آثارها ستبقى تتحدث عن نفسها في العديد من الإبداعات التي تفخر بها الكويت!