بالتزامن مع تحركات أميركية وإسرائيلية متسارعة في الأيام الماضية، وصفها مراقبون بأنها "استعراض قوة جدي"، في محاولة لدفع إيران إلى تقديم تنازلات، والعودة إلى المفاوضات النووية، اتهم الحرس الثوري الإيراني، أمس، البحرية الأميركية بمصادرة شحنة ناقلة نفط إيرانية في مياه بحر عمان قبالة الخليج، مضيفا أنه تمكن من إعادة السفينة إلى السواحل الإيرانية.

وذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أن "الولايات المتحدة صادرت ناقلة تحمل نفطا إيرانيا معدا للتصدير، ونقلت حمولتها إلى ناقلة أخرى، وقادت الناقلة الإيرانية إلى جهة مجهولة، وقامت بحرية الحرس الثوري بإنزال جوي على متن الناقلة المصادرة واستعادتها، وحاولت القوات الأميركية مجددا إعاقة مسار الناقلة باستخدام مروحيات وسفينة حربية وطراد، لكنها فشلت".

Ad

وأشار إلى أن الناقلة "باتت حاليا في المياه الإقليمية الإيرانية"، دون توضيح لمصير الحمولة التي تمت مصادرتها، وعرض لقطات تظهر ملاحقة زوارق تابعة لـ"الحرس" لسفن حربية أميركية دون تحديد تاريخ الحادث الذي يحمل في طياته تلويحا بـ"تفعيل عقوبات منع تصدير النفط" التي تفرضها واشنطن على طهران.

والاثنين الماضي، أفادت البحرية الإيرانية بإحباط "هجوم قراصنة" على ناقلة نفط إيرانية في خليج عدن، بعد تبادل إطلاق نار تحذيري بين دورية حماية مرافقة للناقلة وزوارق تحمل مسلحين قبالة مضيق باب المندب.

وجاء ذلك بعد حادث مشابه قالت طهران إنه استهدف ناقلتي نفط في خليج عدن منتصف أكتوبر الماضي، ويعود آخر حادث احتكاك بحري بين الأسطول الأميركي الخامس، الذي يتخذ من البحرين مقرا له، والبحرية الإيرانية إلى مايو الماضي.

تشكيك واستعداد

في المقابل، شككت وزارة الدفاع الأميركية بـ"رواية غير واقعية" لما حدث في الخليج، مشددة على أنها مستعدة لكل خيارات الرئيس جو بايدن، الذي سبق أن لوح بـ"خيارات أخرى" للتعامل مع طهران، في حال فشل مسار الدبلوماسية الرامي لإحياء الاتفاق النووي معها.

ونفى الأسطول الأميركي الخامس وقوع أي هجوم أميركي على السفن الإيرانية بالخليج، بينما صرح رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي بأن "إيران قضية صعبة للمنطقة والولايات المتحدة. لدينا مختلف القدرات ومستعدون للقيام بكل ما يريدنا الرئيس القيام به"، مضيفا: "طهران لا تريد مواجهة مباشرة مع واشنطن لهذا تنشط في المنطقة الرمادية".

ومع بروز احتمال انهيار مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي، وإصرار طهران على رفض توسيعه لمعالجة المخاوف الإقليمية تجاه أنشطتها وتسلحها الباليستي، أكدت "الخارجية" أن إدارة الرئيس جو بايدن "لا تعتزم إنهاء التواجد العسكري الأميركي في منطقة الشرق الأوسط"، وقال نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جوي هود، أمس الأول، "يجب أن أؤكد، على خلفية تداول الكثير من المعلومات المضللة بهذا الصدد أخيرا، أن شراكاتنا في مجال الأمن ستبقى".

وشدد هود على ان "وجودنا العسكري الدائم في المنطقة ضامن منذ أكثر من 70 عاما، وهذا الواقع الأساسي لن يتغير"، مشيرا إلى أن واشنطن تتكيف مع تغير الظروف والتهديدات في المنطقة، وأكد أن عددا غير كبير من القوات الأميركية في المنطقة تقوم بتدريب الشركاء، وشدد على التزام واشنطن بضمان حرية التجارة والملاحة في الخليج.

ضربة وتأهب

وفي تحرك مواز للضغط على طهران، استهدفت ضربة إسرائيلية فجر أمس، للمرة الثانية في 4 أيام، منطقة في ريف دمشق، التي تضم مخازن أسلحة وذخائر لميليشيات موالية لإيران دون تسجيل خسائر بشرية.

في هذه الأثناء، كشفت "القناة 12" العبرية أن قوة خاصة من مشاة البحرية الأميركية "مارينز" بدأت إجراء تدريبات عسكرية بإسرائيل هي الأولى من نوعها استعدادا لـ"مواجهة محتملة مع إيران"، مبينة أن الوحدة الأميركية الخاصة "Task Force 51"، وهي وحدة تدخل سريع لمواجهة سيناريوهات معقدة، شرعت في تدريبات مع وحدات "كوماندوز" إسرائيلية، قبل نشرها في منطقة الخليج.

وجاء ذلك بعد إعلان وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أنه بحث مع نظيره الأميركي لويد أوستن "التنسيق بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والأميركية في العمليات الهادفة إلى منع التموضع العسكري الإيراني في المنطقة ومواجهة طموحات طهران النووية".

والسبت الماضي، رافقت طائرات حربية إسرائيلية من طراز "F15" مقاتلات من دول عربية وقاذفة حربية أميركية من طراز "B1" في "دورية استعراضية" فوق منطقة الخليج.

تشاؤم نووي

وتزامنت تلك التطورات مع تأكيد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن الرئيس الأميركي جو بايدن يرفض تقديم ضمانات لطهران بعدم الخروج من الاتفاق النووي إذا عادت واشنطن إليه مجددا خلال المفاوضات المرتقبة في فيينا نهاية نوفمبر الجاري، قائلا: "إذا لم تتغير الظروف الراهنة فنتيجة المفاوضات واضحة من قبل" استئنافها.

وجاءت تصريحات شمخاني، في تغريدات عبر "تويتر"، شبه فيها الفترة الحالية التي تواجهها إيران بفترة الحرب الإيرانية العراقية، حيث قال إن "الدعوة إلى التفاوض خلال الحرب وهذه الأيام فيها تشابهات لاستخلاص العبر"، مشيرا إلى أن الدعوة للتفاوض إبان الحرب كانت في وقت استمرت هجمات الدكتاتور العراقي الراحل صدام حسين، "وكانت أجزاء من إيران محتلة من قبل العدو". واعتبر أن استمرار العقوبات يمثل "أخذ اقتصاد إيران رهينة"، وشبه عمل العلماء النووي مع تسريع وزيادة طهران وتيرة تخصيب اليورانيوم بـ"دفاع المقاتلين على الجبهات أثناء الحرب".

في موازاة ذلك، صرح المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زادة بأن "التهديد ضد إيران لم يكن مجديا أبدا"، مشيرا إلى تلويح إدارة بايدن باللجوء إلى "خيارات أخرى غير دبلوماسية" ضد إيران إذا لم تعد للقيود النووية.

وترفض الإدارة الأميركية ضمانات مكتوبة ورسمية تريدها طهران كشرط للتوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات فيينا المرتقبة لإحياء الاتفاق النووي، إلى جانب شروطها الأخرى مثل رفع "مؤثر وكامل" للعقوبات وإمكانية التحقق من ذلك عمليا.

في السياق، توقعت مصادر إيرانية أن تقترح طهران استئناف مفاوضات فيينا مع مجموعة "4+1"، التي تضم بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، إضافة إلى ألمانيا، ابتداء من 20 أو 22 نوفمبر الجاري، تزامنا مع اجتماع مجلس حكماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي سيعقد من 22 إلى 26 الجاري.