«برشامة» سعادة المدير
أعلنت وزارة الأشغال العامة ضبط حالات غش في اختبارات الوظائف الإشرافية التي تمت في أكتوبر الماضي بجامعة الكويت، حيث قام بعض المتقدمين للترقيات للوظائف الإشرافية (مستوى رئيس قسم ومراقب ومدير) وأثناء أدائهم الاختبارات التحريرية الخاصة بهذه الوظائف باستخدام هواتفهم لتصوير الأسئلة وإرسالها إلى آخرين لإجابتها بواسطة سماعات دقيقة مخفاة لهذه الغاية.لا بد أن نشكر وزارة الأشغال وجامعة الكويت على رقابتهم الجيدة أثناء تلك الاختبارات، فلولاها لربما تمكن كثير من الغشاشين من النجاح والترقي إلى وظائف أعلى في الوزارة، وبالتالي يضيع الجهاز الإداري والفني بالوزارة وتسرق حقوق المستحقين في الترقية ممن لم يسلكوا مسلك الغش والتلاعب.كيف تتخيل أن موظفاً عاماً يتقدم لوظيفة إشرافية حكومية تتطلب خبرات إدارية سابقة وأمانة في العمل ومهارات فنية مرتفعة ثم يبدأ أولى خطواته للترقية بالغش الصريح في اختبارات الوظيفة، فيا ترى ما طموحاتهم إذا تقلدوا وظائف أعلى وحصلوا على مناصب في الدولة؟ لقد عانى البلد في السنوات الماضية آفة تزوير الشهادات العلمية عندما تسابق بعض ضعاف النفوس وأصحاب الطموحات الدنيئة لشراء وتزوير شهادات جامعية من الخارج بمختلف التخصصات العلمية والأدبية، إما لأجل التقدم لوظائف معينة أو للحصول على كوادر مالية بالحرام أو حتى لأجل الوجاهة الاجتماعية الزائفة باستخدام ألقاب غير حقيقية، واليوم تطور الموضوع، وبلغنا حداً أن الغش والتزوير وصل إلى مرحلة الترقيات لوظائف الدولة جنباً إلى جنب مع آفة (الواسطة) التي ضيعت حقوق الناس وأفسدت الجهاز الإداري للدولة.
لا شك أن الموضوع أخلاقي بالدرجة الأولى، ويعتمد على سلامة ونقاء مبادئ كل إنسان، وإيمانه بالحلال والحرام، وتعظيمه للأمانة وخشيته من الخيانة، كما أن للأسرة والمدرسة وللمجتمع دوراً كبيراً في ترسيخ هذه الأخلاقيات الرفيعة واحترامها وازدراء من يخالفها والحط من شأنه لا تقديره وتشجيعه، ومع هذا فإن المطلوب من مجلس الخدمة المدنية إصدار لوائح ترتب إجراء الاختبارات التحريرية في مختلف جهات الدولة، من حيث مواعيدها وتنظيمها والإعلان عنها وآلية تقديمها، ومدى ارتباطها بالتعيين والترقية مع وضع عقوبات محددة على من يثبت غشه وتلاعبه في هذه الاختبارات، تصل إلى درجة الحرمان من التعيين في الوظيفة وتخفيض الدرجة الوظيفية، والمنع من تقلد وظائف إشرافية مستقبلاً، وتفوض الوزارات باتخاذ عقوبات مباشرة مع الغشاشين بعد إجراء تحقيقاتها الخاصة بدلاً من الإحالة إلى جهات التحقيق الأخرى، وذلك لحماية الوظيفة العامة ومحاربة وسائل إفسادها والتسلق عليها، والله الموفق.