نحو جمعية ناصر صباح الأحمد
هناك اقتراح من المهمومين بقضايا الدولة، وأهمها الفساد، يدعو أصحابه إلى تشكيل جمعية خاصة من النشطاء لإنشاء جمعية لمحاربة الفساد تحمل اسم المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد، فالراحل ناصر قام بمجهود كبير وعمل دؤوب في الكشف عن أكبر قضايا الفساد بالدولة مثل صندوق الجيش وغسل الأموال، وقبلها فتح باب فضح صفقات "الدفاع" المشبوهة مثل صفقة الطائرات الأوروبية التي مازالت محل تحقيق عند وزارة الدفاع، وهناك قضايا بشبهات غيرها كانت محل بحث وتحقيق من الراحل، لكن قدر الموت لم يسعفه للكشف عنها، وكم نحن بحاجة لإكمال دربه.الراحل قام بواجبه كمؤتمن على المال العام، وكان سنده في ذلك اسمه وصفته كوزير للدفاع ونائب رئيس الوزراء، وللأسف لم يلقَ في النهاية غير جزاء سنمار، وإذا كان هناك مَنْ يتصور أن الراحل في صراعه مع الفساد، وهو يتجرع مرارة مرض السرطان بالوقت ذاته، كانت معركته من أجل كرسي السُّلطة، فهذا وهم وافتئات عليه، فهو لو ساير التيار المهيمن في إدارة الدولة وبصم مع البصامين الساكتين عن الحق لوصل لمبتغاه المزعوم، لكنه آثر التضحية ودفع ثمنها غالياً.لنقف قليلاً عند مسألة الفساد بالدولة الذي "ما تشيله البعارين"، فلدينا مؤسسة نزاهة وديوان المحاسبة وجمعية الشفافية، ومع كل التقدير لتلك المؤسسات، إلا أنها غير كافية وغير مجدية تماماً عندما نعرف الفساد بمفهوم أوسع من استغلال المنصب العام وسرقات المال العام، فالفساد يشمل معظم مؤسسات الدولة التي تنخرها مفاهيم الواسطة والمحسوبيات وحسابات "مشيني وأمشيك". الفساد ليس قاصراً على سُلطة التنفيذ أي الحكومة، بل يمتد حتى يجد مكانه الكبير في مؤسسة التشريع، وطبيعي حتى في هذه هي مسؤولية السُّلطة التي تمشي أمور عدد من النواب لحسابات سياسية مثل تجنب استجوابات معينة لوزرائها وشراء رضا تلك العينة من نواب البؤس.
الفساد بالمفهوم العريض يصيب معظم إدارات الدولة، ماذا عن التعليم وهو أخطر مؤسسة لمستقبل الدولة التائهة؟ ولماذا الكويت بمدارسها وجامعتها التعيسة في أسفل السلم قياساً مع بقية دول الخليج، رغم كلفة هذا التعليم العالية؟ ومن المسؤول هنا غير العمل السياسي الفاسد، الذي يتدخل بكل صغيرة وكبيرة في إدارة الدولة؟ غير التعليم لكم أن تقيسوا إدارة بقية الأجهزة الحكومية ونهج الفساد المهيمن عليها، ليس هناك بداية ولا نهاية لها.جمعية ناصر صباح الأحمد لو تحققت على أرض الواقع يفترض أن تشمل كل تلك الأمور، ولا تحدد الفساد بمفهومه الضيق، كالرشوة والتربح من المال العام. لدينا العديد من الشباب من الجنسين المخلصين لوطنهم والقلقين على مستقبله، يمكن تجنيدهم لحساب عمل جمعية ناصر، وهم بحاجة لدعم مخلصين من الأسرة الحاكمة الذين يذكرون ناصر بالخير، ويخشون على مستقبل الدولة والحكم فيها. ليس المطلوب تخليد ذكرى الراحل ناصر، فليست ذكراه ما يمكن نسيانه، إنما تحقيق نوع من الضمان المستقبلي لهذه الدولة الغارقة في مستنقع "طمام المرحوم".