آبي أحمد يحذر من تكرار سيناريو سورية وليبيا بإثيوبيا

المتمردون يتوقعون السيطرة على أديس أبابا في أسابيع... و«اعتقالات عرقية» في العاصمة

نشر في 04-11-2021
آخر تحديث 04-11-2021 | 00:04
آبي أحمد خلال زيارته مقر قيادة الجيش في أديس أبابا أمس (رئاسة الحكومة)
آبي أحمد خلال زيارته مقر قيادة الجيش في أديس أبابا أمس (رئاسة الحكومة)
بينما تتوالى التنبيهات من انزلاقها إلى حرب أهلية عرقية مدمرة، حذّر رئيس وزراء إثيوبيا أبي آحمد، الذي وصل إلى السلطة بعد حركة احتجاجية كانت تطالب بالإصلاح، من تعرُّض بلاده لسيناريو مشابه لما جرى في سورية وليبيا، في حين توقّع متمردو تيغراي وأورومو السيطرة على العاصمة في غضون أسابيع.
في ذكرى مرور سنة على بدء الحرب بإقليم تيغراي، وعد رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد، أمس، بدفن أعدائه بالدماء، محذراً من تكرار سيناريو سورية وليبيا.

وغداة إعلانه حالة الطوارئ ودعوة حكومته سكان أديس أبابا إلى تسليح أنفسهم لحماية أحيائهم، زار آبي أحمد مقر قيادة الجيش في العاصمة، ودعا الإثيوبيين إلى الوحدة.

وقال آبي أحمد، خلال مراسم تأبين قتلى يوم الثالث من نوفمبر 2020 عندما استولت جبهة تحرير تيغراي على قواعد عسكرية في الإقليم، «الحفرة التي تم حفرها ستكون عميقة جداً، وستكون حيث يدفن الأعداء وليس حيث تتفكك إثيوبيا، سندفن هذا العدو بدمائنا وعظامنا، وسنعلي مجد إثيوبيا من جديد». واتهم آبي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2019، جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو، أكثر أقاليم الدولة سكاناً، بحشد قوى مع عملائها بالداخل والخارج واستخدام كل قدراتها لتدمير دولة إثيوبيا لا بنائها، مشيراً إلى أن «الجهود القاسية الحالية حيلة لتسهيل مسار مصير إثيوبيا، ليكون مثل ليبيا وسورية، لكنها محاولات لن تنجح».

تحرّك ميداني

في هذه الأثناء، شنت القوات الجوية، التي نفذت عمليات منتظمة على تيغراي في الأسابيع الماضية، غارات استهدفت «مركز تدريب عسكري لمجموعة جبهة تحرير شعب تيغراي الإرهابية» في وادي بوراي بشمال تيغراي.

ورغم نفي الحكومة تقدّم المتمردين، فقد أعلنت حالة الطوارئ أمس الأول في كل الأنحاء. ودعت سكان أديس أبابا إلى تنظيم صفوفهم للدفاع عن المدينة. وفي إطار حالة الطوارئ التي صادق عليها البرلمان أمس، ستتمكن السلطات من تجنيد «أي مواطن في سنّ القتال ويملك سلاحاً»، أو تعليق وسائل الإعلام التي يشتبه في أنها «تقدّم دعماً معنوياً مباشراً أو غير مباشر» لجبهة تحرير تيغراي، بحسب ما أوردت وسيلة الإعلام الرسمية «فانا برودكاستينغ كوربوريت».

وأوردت مجموعة «فانا برودكاستينغ كوربوريشن» الإعلامية أن القيود المفروضة تشمل حظر التجول وإغلاق الطرق وتفتيش «كل شخص يُشتبه بأنه تعاون مع المجموعات الإرهابية».

ووصف الناطق باسم جبهة تحرير تيغراي، غيتاشو رضا، هذه الإجراءات بأنها «تفويض مطلق لسجن أو قتل عناصر جبهة تيغراي». وكتب على «تويتر»: «فيما أصبح النظام على وشك الانهيار، يطلق آبي ومساعدوه أجواء رعب وانتقام».

وتحدثت تقارير عن اعتقالات في العاصمة ذات طابع عرقي لأفراد من الأورومو.

سقوط محسوم

في المقابل، أعلن جيش تحرير أورومو، الذي يضم متمردين من أكثر أقاليم إثيوبيا سكاناً ويقاتل القوات الحكومية إلى جانب جبهة تحرير تيغراي، أن الاستيلاء على أديس أبابا «مسألة أشهر إن لم يكن أسابيع»، مشدداً على أن سقوط رئيس الوزراء بات «محسوماً».

وقال الناطق باسم جيش تحرير أورومو أودا طربي: «إذا استمرت الأمور على الوتيرة الحالية، فستكون حينئذ مسألة أشهر إن لم يكن أسابيع»، مضيفاً أن مقاتلي جيشه وجبهة تحرير تيغراي «انضما أساساً لبعضهما البعض وهما على اتصال دائم».

وحين أعلنت جبهة تحرير تيغراي سيطرتها يومي السبت والأحد على مدينتي ديسي وكومبولشا الاستراتيجيتين، على بعد 400 كيلومتر شمال العاصمة من دون استبعاد الزحف إليها، أعلن في الوقت نفسه جيش تحرير أورومو، الذي تحالف في أغسطس معها، دخوله عدة مدن في جنوب كومبولشا، بينها كيميسي على بعد 320 كيلومترا من أديس أبابا.

وحشية قصوى

وتخللت النزاع الدائر منذ عام روايات عن انتهاكات مجازر وعمليات اغتصاب خصوصا في حق مدنيين، وقد غرق الشمال الإثيوبي في أزمة إنسانية خطيرة يواجه فيها مئات الآلاف خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.

ونددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه أمس بـ «وحشية قصوى» تطغى على النزاع في إقليم تيغراي خلال عرضها نتائج تحقيق أجري مع الإثيوبيين وخلص إلى احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية ارتكبها كل الأطراف.

وفي تحقيق مشترك مع المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان شمل النزاع المستمر منذ عام، أكدت باشليه أن «خطورة الانتهاكات تؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنها مهما كان معسكرهم»، مؤكدة أن «ثمة أسباب معقولة تدفع للاعتقاد بأن كل أطراف النزاع في منطقة تيغراي ارتكبوا، بدرجات متفاوتة، انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقانون اللاجئين الدولي، قد يشكّل بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

وندد التقرير بهجمات عشوائية ضد المدنيين وإعدامات خارج إطار القضاء وأعمال تعذيب وخطف وتوقيفات عشوائية، أو حتى أعمال عنف جنسية ونهب.

ضغط دولي

وفي تكثيف للضغوط الدولية، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الأول، أنه ألغى امتيازات تجارية ممنوحة لإثيوبيا، بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية بإقليم تيغراي.

وفي حين أعربت إثيوبيا عن «خيبة أمل كبيرة من قرار بايدن، شدد المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة القرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، على أن واشنطن تعارض «تقدّم جبهة تحرير شعب تيغراي باتجاه أديس أبابا وكل محاولة منها لمحاصرة العاصمة». ومساء اليوم نفسه، جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الدعوة إلى «وقف فوري للمعارك وإلى إتاحة وصول المساعدات الإنسانية الضرورية لإنقاذ الأرواح من دون عوائق، وإقامة حوار وطني يشمل كل الأطراف لحل هذه الأزمة، وإيجاد أسس للسلام والاستقرار في أنحاء البلاد كافة».

وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد أعرب عن «قلقه» إزاء إعلان حال الطوارئ، مشددا على أن هذا الأمر سيدفع إثيوبيا أكثر فأكثر نحو الحرب الأهلية.

ولاحقاً، أعلنت "الخارجية" الأميركية أن فيلتمان سيتوجه إلى إثيوبيا اليوم للدعوة إلى حل سلمي، مؤكدة أنها "تشعر بقلق متزايد بشأن الحجم المتصاعد للعمليات القتالية والعنف الداخلي، وتراقب الوضع عن كثب".

الكويت تدعو المواطنين لمغادرة إثيوبيا فوراً

مع تطور الوضع الميداني في ثاني أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان، طالبت وزارة الخارجية أمس المواطنين الكويتيين الموجودين في اثيوبيا بمغادرتها فورا، كما دعتهم إلى التواصل مع سفارة الكويت في أديس أبابا لتسجيل أسمائهم وبياناتهم.

وأهابت الخارجية بالمواطنين الراغبين في السفر إلى اثيوبيا إلى التريث وتأجيل سفرهم، نظرا للأوضاع التي تشهدها حاليا، والتواصل على هواتف الطوارئ.

وفي وقت سابق، نصحت السفارة الأميركية رعاياها بعدم التوجه إلى إثيوبيا، كما نصحت الموجودين منهم على الأراضي الإثيوبية "بالاستعداد للمغادرة"، مبينة أن الوضع الأمني في إثيوبيا تدهور بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية، في ظل تصاعد النزاع المسلح والاضطرابات المدنية في أمهرة وعفر وتيغراي.

وأشارت السفارة الأميركية إلى أن جزءا كبيرا من الطريق السريع A2، الذي يربط أديس أبابا بالمدن الواقعة إلى الشمال، بات مقيدا من قبل السلطات الفدرالية، مما أدى إلى اضطرابات، وتقطع السبل بالمسافرين.

back to top