لا تزال أزمة السكن مكانك راوح رغم وعود الحل الكثيرة التي أطلقها المسؤولون على مدار السنوات الماضية، حيث تشير البيانات والإحصاءات الرسمية إلى وجود أكثر من 92 ألف أسرة كويتية، أي ما يعادل ثلث الكويتيين، لا يمتلكون منزلاً، فالحكومة عاجزة عن توفير المساكن والمواطن العادي لا يستطيع أن يشتري بيتاً من خلال راتبه السنوي الذي يتقاضاه حتى وصوله إلى سن التقاعد وذلك بسبب الارتفاع الفاحش بقيمة العقارات والمضاربة والمتاجرة والاحتكار في السكن الخاص واستغلاله كمجال استثماري مربح.

ورغم تضخم الأزمة الإسكانية فإن تعامل الحكومة معها لم يرتق بعد إلى مستوى هذه المشكلة الكبيرة، حيث تحاول حلها بالمسكنات من خلال إطلاق المزيد من المشاريع الإسكانية التي تستغرق سنوات طويلة دون أن تخرج إلى النور، كما أنها تقوم بتوزيع آلاف البيوت والقسائم والوحدات السكنية على الورق، وبعد هذا التخصيص الوهمي ينتظر المواطنون سنوات أخرى لحين تسلم مساكنهم بصورة حقيقية على أرض الواقع، وبالتالي ينضم الآلاف كل عام إلى طوابير الانتظار.

Ad

كذلك فشلت الحكومة في الترويج لمشروع الشقق العمودية واستمرت في تحمل تكاليف بدل الإيجار الذي يكلف الميزانية العامة ملايين الدنانير سنوياً، ولعل من الأسباب الرئيسة لتحول الأزمة السكانية إلى أزمات متداخلة ومتراكمة هو تشابك الاختصاصات بين جهات الدولة الأمر الذي يتسبب في تعطيل تسليم كثير من الأراضي التي يتم تخصيصها لبناء مشاريع سكنية للمؤسسة العامة للرعاية السكنية، فضلاً عن استمرار احتكار بعض الجهات العامة والخاصة لمساحات شاسعة من الأراضي في أماكن حيوية، ومع غياب القرار الجاد والحاسم يستمر التنفيع والالتفاف على المصلحة العامة لخدمة مصالح شخصية لمتنفعين ومتنفذين ولا عزاء لآلاف المواطنين المنتظرين سنوات طويلة في طوابير الإسكان.

إن الأزمة الإسكانية تحتاج إلى جدول زمني حقيقي لحلها بدلاً من التخبط المستمر على مدار عقود وأن يتم استخدام الأموال في التنمية الحقيقية وبناء مدن جديدة، وأن يكون هناك جدية في تنفيذ المشاريع الإسكانية وتسليمها لأصحاب الطلبات السكنية في مواعيد محددة وحل المشاكل التي تواجه من تسلموا مساكن في مناطق جديدة حتى يتشجع باقي المواطنين على التوجه إلى هذه المناطق واستلام بيوتهم، كما يجب أن يولي مجلس الأمة القضية الإسكانية الاهتمام المطلوب ويشرع القوانين التي تسرع من حل هذه الأزمة المستعصية.

● مشاري ملفي المطرقة