دانت الصين أمس تقريرا نشرته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يشير إلى تسارع أكبر من المتوقع للبرنامج النووي الصيني، معتبرة أنه «يتجاهل الحقائق» و»مليء بالأحكام المسبقة».

وفي تقرير نشر أمس الأول ذكرت «البنتاغون» أن بكين تطور ترسانتها النووية بوتيرة أسرع بكثير، ويمكنها بالفعل إطلاق صواريخ بالستية مسلحة برؤوس حربية نووية من البر والبحر والجو، مبينة ان الصين تعمل على تحديث جيشها «لمواجهة الولايات المتحدة» في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتسهيل إعادة تايوان التي تعتبرها إحدى مقاطعاتها، إلى سيادتها.

Ad

وردا على التقرير اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وبلين واشنطن بمحاولة «التركيز» على فرضية التهديد الصيني، وقال «إن التقرير الذي نشرته البنتاغون، مثل التقارير السابقة، يتجاهل الحقائق وهو مليء بالأحكام المسبقة»، متهما واشنطن بـ»التلاعب».

وفي الإصدار السابق من هذا التقرير، المقدم إلى الكونغرس، والذي نُشر في أول ديسمبر 2020، قدر البنتاغون أن الصين لديها «حوالي 200» رأس حربي نووي، لكنه قال إن هذا العدد سيتضاعف خلال السنوات العشر المقبلة. ومع 700 رأس نووية بحلول عام 2027، وألف بحلول عام 2030، تظهر توقعات الجيش الأميركي تسارعا قويا جدا لنشاطات بكين النووية، ومن المرجح أن تكون الصين قد أنشأت «مثلثا نوويا» ناشئا، أي قدرة على إطلاق صواريخ بالستية نووية من البحر والأرض والجو.

ومن أجل التوصل إلى هذه الأرقام، استند معدو التقرير خصوصا إلى تصريحات مسؤولين صينيين في وسائل إعلام رسمية وإلى صور التقطتها أقمار اصطناعية تظهر إنشاء عدد كبير من المستودعات النووية، كما قال مسؤول بارز في وزارة الدفاع للصحافة خلال تقديمه هذا التقرير، الذي ينشر جزء منه فقط، ويتم تصنيف الجزء المتبقي على أنه سري جدا. وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، إن عمليات الإطلاق تشمل صواريخ بالستية من غواصات، وتلك التي تطلقها قاذفات، إضافة إلى «قوة الصواريخ المتنقلة» التي تسمح بإطلاق صواريخ من شاحنات، متابعا: «إنه أمر مقلق جدا بالنسبة إلينا»، مشيرا إلى أن هذا التسارع «يثير تساؤلات حول نياتهم».

وحتى مع ألف رأس نووية، لن توازي الترسانة الصينية حجما ترسانة الولايات المتحدة وروسيا اللتين تمتلكان معا أكثر من 90 في المئة من الأسلحة النووية العالمية، فواشنطن تمتلك 5500 رأس نووية، بينما تمتلك روسيا 6255، بحسب تقديرات المعهد الدولي لبحوث السلام في ستوكهولم.

وفي أكتوبر 2020، حدد الحزب الشيوعي الصيني لنفسه هدفا يتمثل في تحديث نظريات جيشه وتنظيمه وأفراده وأسلحته ومعداته بحلول عام 2027، وفق التقرير الذي أضاف «إذا تم تحقيقه، فإن هذا الهدف سيمنح بكين خيارات عسكرية أكثر مصداقية في مواجهة تايوان».

من جانبه، ذكر رئيس أركان الجيوش الأميركية مارك ميلي أمس الأول أن الجيش الأميركي لديه القدرة «بالتأكيد» على الدفاع عن تايوان من هجوم صيني، إذا طلب منه ذلك، مضيفا أنه لا يتوقع أن تنفذ الصين عملا عسكريا ضد الجزيرة في الأشهر الـ24 المقبلة، لكن عندما سئل في منتدى آسبن الأمني عما إذا كان بإمكان «البنتاغون» الدفاع عنها أجاب: «لدينا القدرة بالتأكيد. ليس هناك أدنى شك في ذلك».

وفي مارس، قال القائد السابق للقوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال فيليب ديفيدسون أمام الكونغرس إن الصين يمكن أن تغزو الجزيرة «في غضون السنوات الست المقبلة» أي بحلول عام 2027. وتضاعفت التصريحات المتبادلة في الأسابيع الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن مصير تايوان التي تحكمها حكومة ديموقراطية، وتعتبرها بكين مقاطعة صينية وتقول إنها عازمة على إعادة ضمها، وبالقوة إذا لزم الأمر.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا أن الولايات المتحدة لديها «التزام» بالدفاع العسكري عن تايوان في حال تعرضها لهجوم صيني. وأضاف البنتاغون هذا العام إلى تقريره السنوي فصلا عن البحوث الصينية في المجال الكيميائي والبيولوجي، يعتبرها «مثيرة للقلق».

وجاء في التقرير أن «الصين شاركت في نشاطات بيولوجية قابلة للتطبيق» في المجال العسكري، و»بناء على المعلومات المتاحة، لا يمكن للولايات المتحدة أن تضمن امتثال الصين للاتفاق الدولي بشأن الأسلحة الكيميائية».

وأوضح المسؤول الكبير في «البنتاغون» للصحافة أن هذه النشاطات ليست مرتبطة بأي شكل من الأشكال بمصدر كوفيد 19 الذي تنسبه بعض النظريات إلى تسرب من مختبر في مدينة ووهان الصينية حيث اكتشف الوباء.

إلى ذلك، بعد ساعات من إعلان رئيس أركان الجيش الأميركي أن قواته قادرة على الدفاع عن تايوان، قال المدير العام لمكتب الأمن الوطني في هذه الجزيرة تشين مينغ تونغ لأعضاء البرلمان، أمس، إن الصين ناقشت داخليا مهاجمة جزر براتاس التايوانية، لكنها لن تفعل ذلك قبل 2024، العام الذي تنتهي فيه فترة ولاية رئيسة تايوان تساي إينغ وين، ولم يوضح تشين كيف علم بمناقشة الصين هذه الخطوة، أو لماذا لن تحدث قبل بضعة أعوام.

وتشكو تايوان، وهي جزيرة متمتعة بالحكم الذاتي، تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، من طلعات جوية تنفذها القوات الجوية الصينية قرب جزر براتاس.