وضع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، العائد إلى لبنان من قمة المناخ في غلاسكو، مهلة فاصلة عن اتخاذه الموقف الفصل؛ فهو يريد استمرار الحكومة وإعادة تفعيلها، ويربط ذلك بخطوات ثلاث: الأولى استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كمدخل للحوار والبحث عن مخرج من الأزمة مع السعودية ودول الخليج، والثانية إعادة تفعيل عمل الحكومة وعدم السماح لأحد بتعطيل مجلس الوزراء، وهي رسالة مزدوجة تتضمن إشارة إلى «حزب الله» بضرورة التراجع عن موقفه الرافض لانعقاد اجتماع قبل حسم أزمة التحقيق بتفجير المرفأ، وإشارة أخرى إلى دول الخليج بأن الحكومة اللبنانية ترفض أن تكون أسيرة لدى الحزب.

أما الخطوة الثالثة فتتعلق بالعودة السريعة إلى البحث بشأن إقرار الإصلاحات والخطة الاقتصادية.

Ad

ومن الواضح أن ميقاتي رمى الكرة في ملعب «حزب الله» بضرورة التهدئة مع دول الخليج، لذلك عقد لقاءات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في محاولة منه لطلب مساعدتهما على دفع قرداحي للاستقالة، وهو ما يعتبره مدخلاً لإطلاق المساعي الخارجية، سواء كانت أميركية أو فرنسية أو قطرية أو عربية، مع السعودية لبدء الحديث عن استعادة العلاقات وتهدئة الأجواء.

عون يوافق على إقالة قرداحي، لكنه لا يريد أن يخوض المواجهة بشكل مباشر، أما بري فهو يفضل البحث عن حلّ وتسوية، وسيسعى مع «حزب الله» لذلك، لكن الحزب لا يزال على موقفه الرافض لاستقالة قرداحي، خصوصاً بعد موقفه التصعيدي الكبير ضد دول السعودية على لسان نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، الذي قال أمس الأول إن المملكة بدأت عدواناً على لبنان وعليها أن تعتذر، وهو موقف من شأنه أن يعرقل كل المساعي.

وعندما وضع ميقاتي استقالة قرداحي كبند أول للدخول في البحث عن حلّ، كان قرداحي ومقربون منه ومن «حزب الله» يعملون على تسريب أجواء بأنه لن يستقيل. هذا الوضع سيضع ميقاتي في مواجهة قرار حرج، وسط معلومات تفيد بأن هناك مهلة خليجية ممنوحة لرئيس الحكومة للبدء بخطوات جدية حول معالجة الأزمة، وهذه المهلة لا تتجاوز اليومين، بعد تحركاته في بيروت، وبحال لم ينجح بالوصول إلى حلّ أو تسوية، فقد تصدر إجراءات جديدة من شأنها تصعيد الموقف أكثر.

ويحاول ميقاتي توفير مظّلة سياسية حمائية لنفسه ولحكومته، وذلك يعزز التواصل مع بري ورؤساء الحكومة السابقين، خصوصاً سعد الحريري وفؤاد السنيورة، ومع وليد جنبلاط. ولكن كل هذه المظلة لن تبقى قادرة على حماية الحكومة في حال بقي الأفق مسدوداً لدى «حزب الله» ورفض تقديم تنازل أو الدخول في تسوية، حينها سيجد ميقاتي نفسه أمام خيار الاستقالة الحتمية، إلا إذا قرر البقاء رغم استمرار القطيعة الخليجية، مع ما ستتركه من تداعيات سلبية جداً على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي.

منير الربيع