السيد الأستاذ المستشار/ النائب العام تحية طيبة وبعد
انطلاقا من التزامكم الدستوري بالسهر على تطبيق القوانين الجزائية، المنصوص عليه في المادة (167) من الدستور، ومن التزام القانوني المنصوص عليه في المادة (14) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والتي تفرض على كل من علم بوقوع جريمة، أن يبلغ عنها، وحيث إن ثمة جرائم ترتكب في حق الشعب الكويتي، عبر قنوات الشبكة المعلوماتية، لا يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على تقديم شكوى من المجني عليه. وقد أصبح هذا البلد الكريم وهذا الشعب الطيب بأسره مجنياً عليه في هذه الجرائم التي تنال من المكانة الدولية للكويت، وهي جرائم، لا يقف مداها وأذاها، عند حدود الدولة الإقليمية، بل تتناقلها هذه القنوات إلى كل شبر في العالم بفضل عصر المعلومات الذي حول العالم كله الى قرية صغيرة، يتداول الناس فيه ما يدور في هذه القنوات من أحداث ووقائع وحض على الكراهية وسب وقذف وشائعات وافتراءات. وبحكم انتمائي الإنساني لهذا البلد، وقد شرفت بالعمل فيه وعايشت شعبه أربعة عقود من عمري المهني، تمتعت خلالها بحرية الرأي وحق التعبير عنه، الذي لا يوجد له مثيل في المنطقة العربية كلها، وحرصا على قداسة الكلمة وصونا لهذه الحرية وهذا الحق، اللذين شوهتهما هذه الجرائم وأفرغتهما من مضمونهما. أتشرف بتقديم البلاغ الآتي نصه ضد أحد خفافيش الظلام الإلكتروني مجهول الهوية لأنه: 1- افتتح حسابا باسمي على "تويتر" وقد أعلنت على صفحات "الجريدة" في عددها الصادر بتاريخ 31/ 10/ 2021م في مقال لي تحت عنوان "مولد نبي الرحمة ورسول الإنسانية وخطاب الكراهية المعاصر" بأن لا صلة لي بهذا الحساب وليس لي أي حساب باسمي على الشبكة المعلوماتية.كما تفضل مشكورا السيد الأستاذ حسين عبدالله المحامي بالنيابة عني بنفي صلتي بهذا الحساب ونفي ما هو منسوب لي فيه على "تويتر" بتاريخ 15/ 8 / 2021م، وحيث إن الفعل سالف الذكر ينطوي على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن جرائم تقنية المعلومات فيما تنص عليه المادة (3) من أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زور موقعا إلكترونياً بطريق الاصطناع أو التغيير أو التحوير أو بأي طريقة أخرى أو استعمل الشبكة المعلوماتية في تهديد أو ابتزاز شخص طبيعي أو اعتباري أو استعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة، متى كان من شأنه خداع المجني عليه". 2- نسب إلي وقائع وأقوالا وآراء، رددها في هذا الحساب الذي افتتحه باسمي، وعلى لساني، بما يحض المواطنين على كراهية أبناء الجالية المصرية، والنيل من كرامتهم ومكانتهم في المجتمع، وبما قد يؤدي إلى ارتكاب أعمال عنف ضدهم. وحيث إن ما ورد في الحساب المذكور من تغريدات على لساني من وقائع وأقوال وآراء أو تصرفات يعف لساني عن ترديدها نسبت إلي، ينطوي على ارتكاب المذكور جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الوحدة الوطنية رقم 19 لسنة 2012 حيث ينص في مادته الأولى على أنه: "يحظر القيام أو الدعوة أو الحض بأي وسيلة من وسائل التعبير المنصوص عليها في المادة (29) من القانون رقم (31) لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع أو إثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب، أو التحريض على عمل من أعمال العنف لذلك الغرض، أو إذاعة أو نشر أو طبع أو بث أو إعادة بث أو إنتاج أو تداول أي محتوى أو مطبوع أو مادة مرئية أو مسموعة أو بث أو إعادة بث إشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه أن يؤدي إلى ما تقدم". وتنص المادة الثانية على "عقاب من يرتكب فعلا من هذه الأفعال بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار، ولا تزيد على مئة ألف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد".وكان المشرع يعاقب على ارتكاب هذه الجريمة وهي جرائم يعاقب عليها كذلك كل من قانون المطبوعات والنشر رقم 3 لسنة 2006، في المادة (21) وقانون جرائم تنقية المعلومات رقم 63 لسنة 2015 سالف الذكر في المادة (3). 3- كما تنطوي تغريداته على هذا الحساب على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة (21) من قانون المطبوعات والنشر وهي التي وردت في البند (9) من هذه المادة التي حظرت في هذا البند نشر ما من شأنه: "الإضرار بالعلاقات بين الكويت وغيرها من الدول العربية أو الصديقة إذا تم ذلك عن طريق الحملات الإعلامية". وحيث إن الأفعال سالفة الذكر، تقوض دعامات المجتمع الثلاث من عدل وحرية ومساواة، المنصوص عليها في المادة (7) من الدستور، والتي تصونها الدولة إعمالا للمادة (8) من الدستور، من خلال سلطاتها الدستورية الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية والنيابة العامة فرع أصيل من السلطة القضائية، تتولى الدعوى العمومية باسم المجتمع، إعمالا لأحكام هذه القوانين، ولأحكام المادة 167 من الدستور وتتولى التحقيق في هذه الجرائم. فإن الأمل وطيد في أن تقوم النيابة العامة بواجبها القانوني والدستوري ومسؤولياتها في التحقيق في هذه الجرائم، بعد تكليف المباحث الإلكترونية بالكشف عن هذه الجرائم ومرتكبها إعمالا لواجباتها المنصوص عليها في المادة (39) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار إليه. مع كل التقدير لقضاء الكويت الشامخ والنيابة العامة هي فرع أصيل من هذا القضاء. المستشار شفيق إمام.
مقالات
في ظلال الدستور: في جرائم ترتكب في حق الشعب الكويتي
07-11-2021