عقب اجتماع للمجلس الشرعي الأعلى في لبنان، برئاسة المفتي عبداللطيف دريان، لبحث الأزمة الأخيرة مع دول الخليج، قال رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، لـ «الجريدة»، أمس، إن الوقت غير مناسب الآن للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؛ «لعدم إفراغ الساحة أمام حزب الله وحلفائه»، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا الخيار يبقى مطروحاً بقوة في حال واصل وزير الإعلام جورج قرداحي تمسكه برفض الاستقالة مدعوماً من الحزب.

وبعد خلوة بين المفتي والسنيورة بحثا خلالها كيفية التعاطي مع الاستحقاقات، أعلن المجلس دعم ميقاتي مقابل سعيه لمعالجة الملفات البارزة، وأولها استعادة العلاقات مع الخليج.

Ad

السنيورة الذي كان التقى ميقاتي للتداول فيما يمكن القيام به، أكد، لـ «الجريدة»، ضرورة «ممارسة الصلابة في الأداء السياسي»، مضيفاً أن «مسألة الاستقالة يحددها التواصل بيننا كرؤساء حكومات سابقين والوقائع السياسية، ولابد من دراسة كل الخيارات، ففي حال طلبنا من ميقاتي الاستقالة نكون قد أفرغنا الساحة للحزب وحلفائه، ولذلك لابد من الإقدام على مسار سياسي يعيد التوازن، ولكن قد نضطر لاحقاً إلى الإقدام على هذه الخطوة بالتشاور والتنسيق مع حلفائنا».

وذكر أن «القضية الآن لا تقتصر فقط على استقالة الوزير، بل على عودة لبنان إلى الحضن العربي، من خلال مواقف واضحة تتخذها الحكومة وتقف فيها إلى جانب العرب لا ضدهم، فضلاً عن اعتماد سياسة تلتزم بمقررات الجامعة العربية، وتبعد لبنان عن سياسة المحاور التي يسعى الحزب لجرّه إليها».

وركز على ضرورة أداء رئيس الجمهورية لدوره في هذا الإطار، لأنه المؤتمن على الدستور وعلى العلاقات اللبنانية مع الأشقاء والدول الصديقة، غير أنه لا يقوم بذلك، وهو ما يؤدي إلى الاختلال، «لأن دوره يفترض به أن يكون فوق كل المؤسسات، والأطراف السياسيين، وعليه أن يكون جامعاً للبنانيين، لا طرفاً كما يفعل ويخالف دوره كرمز لوحدتهم».

يأتي ذلك في وقت تتشابك الملفات اللبنانية وتتزايد عقدها، مما يصعّب أي مساعٍ لـ «الحلحلة»، إلا إذا وجد المسؤولون اللبنانيون طريقهم إلى تسوية لابد منها، وكلما تأخر الوقت ارتفع منسوب احتمال الانفجار السياسي والدبلوماسي أكثر فأكثر.

الأزمة مع دول الخليج لا تزال تتفاعل وتتصاعد في ظل تأخر الحكومة عن إيجاد السبيل الواضح للحدّ من التدهور في العلاقة مع دول الخليج، والذي يجب أن يبدأ من استقالة قرداحي، الرافض للتنحي حتى الآن مدعوماً من «حزب الله». ونتيجة لهذا التأخر، أقدم دبلوماسيون سعوديون وعائلاتهم على مغادرة لبنان صباح أمس، في إشارة إلى المزيد من الإجراءات غير العلنية، واستمرار التصعيد.

جاء ذلك على وقع تصريح لرئيس اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان، حول وقف التعاون مع الشركات اللبنانية، فيما تستعد بيروت لاستقبال الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، لبحث كيفية استعادة العلاقات مع الدول العربية.

ولم يعد ملف العلاقة المتأزمة مع السعودية ودول الخليج الوحيد الذي يهدد العلاقات السياسية اللبنانية بين الفرقاء على اختلافاتهم، إذ ينضمّ إلى ملفات أخرى تشكل عنواناً للانقسام اللبناني، من بوابة الصراع القضائي على التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، وتحقيقات اشتباكات خلدة والطيونة، فالتجاذب حول استمرار القاضي طارق البيطار مستمر، وسط مساعٍ من «حزب الله» لتطويقه وكف يده أو منعه من استكمال تحقيقاته.

وفي الأثناء، برزت مشكلتان جديدتان، الأولى تتعلق بردة فعل العشائر العربية في خلدة على الأحكام التي صدرت بحق أبنائهم، إذ عملوا على قطع طريق الجنوب؛ اعتراضاً على عدم محاكمة المتهمين من قبل الحزب وسرايا المقاومة بافتعال الإشكال الأساسي، الذي أدى إلى مقتل طفل من العشائر. وستشهد كذلك اليوم، باحة البطريركية المارونية في بكركي، تظاهرة حاشدة في القداس الذي يترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي، تضامناً مع موقوفي عين الرمانة المحسوبين على القوات اللبنانية على خلفية اشتباكات الطيونة، إذ هناك اعتراض لدى الأطراف المسيحية على مسار التحقيق، الذي يتركز فقط على موقوفين من مناصري القوات، وسط غياب التوقيفات لأي شخص من المحسوبين على حركة أمل و«حزب الله».

ومن شأن هذا الملف أن يشكل عنصراً أساسياً لاستمرار التوتر في لبنان، في حال لم يتم العمل على إعادة تفعيل عمل الحكومة.

وبينما يجد نفسه مطوقاً بهذه الصراعات، وآخرها الأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج، يضغط ميقاتي في سبيل إقالة قرداحي، ويحاول تجنب استقالته هو كي لا تسقط حكومته.

● بيروت - منير الربيع