الحكومة العراقية تترقب «غزوة الفصائل»
توقعات باقتحام مقار الدولة... والصدر يغادر العاصمة تجنباً للتصعيد
علمت «الجريدة» من مصادر حكومية رفيعة في بغداد، أمس، أن الآلاف من أنصار الفصائل المسلحة يعتزمون اقتحام المنطقة الخضراء، حيث تقع مقار الحكومة والسفارات، مما ينذر بتصعيد خطير بعد يوم من الاحتكاكات العنيفة سقط خلالها ما لا يقل عن عنصرين من الميليشيات، وجرح نحو 130 معظمهم من قوات مكافحة الشغب، التي كانت تحاول احتواء الموقف.وإثر خسارة بالغة في انتخابات أكتوبر الماضي، نظم حلفاء إيران في العراق اعتصاماً بقي هادئاً طوال أسبوعين، إلا أنهم قرروا التصعيد بعد اقتراب إعلان النتائج النهائية المصادق عليها، وبدء مقتدى الصدر، الفائز الأول في الاقتراع، مشاورات مكثفة في بغداد لتشكيل الحكومة، مما يمثل تحدياً كبيراً لجناح الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، والتي خسرت أكثر من نصف مقاعدها، مقابل صعود التيار المساند للدولة وفوز مفاجئ لكيانات ناشئة ومستقلين يناصرون حركة الاحتجاج الشعبي المدنية المناوئة لفصائل إيران.وفي وقت شهد مساء أمس استنفاراً أمنياً كبيراً أمام بوابات المنطقة الخضراء، مع حضور لأبرز زعماء الفصائل بين المحتجين، أكدت مصادر حكومية رفيعة، لـ«الجريدة»، أن اتصالات مكثفة تجري على أعلى المستويات، لمنع تصادم ربما يكون مكلفاً، إذا قررت الميليشيات اقتحام المنطقة الخضراء.
من جهتهم، ذكر مقربون من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنه قطع محادثاته في بغداد مساء الجمعة وغادر إلى النجف، حيث مقره، لتلافي أسباب التصعيد، حيث يمتلك جمهوراً واسعاً ويحرص على إبعاده عن أي احتكاكات مع أنصار الميليشيات، التي يبدو أنها شعرت بأنها خارج الحكومة الجديدة، مع بدء الصدر محادثاته مع القوى الوطنية وتمسكه بحكومة أغلبية يكون الخاسرون خارجها.وتعد هذه المواجهة هي الثالثة بين الفصائل وحكومة مصطفى الكاظمي ذات التوجه المعتدل. وفي المرات السابقة، هددت الميليشيات بالتصادم مع القوات الحكومية، لكنها هذه المرة صعدت الأمور فعلياً، وجرّت قوات مكافحة الشغب إلى احتكاك خطير. ويمثل نجاح الصدر في الاحتفاظ بعلاقة متينة مع حكومة الكاظمي ونتائجه الجيدة في الانتخابات، أحد أبرز فرص العراق، الذي يحاول كبح جماح الفصائل الموالية لإيران، في حين يلوح الجناح الإيراني بأنه يستخدم الشارع لإفشال مشروع الحكومة القائم على تحالف الصدر والكاظمي مع قوى كردية وسنية تحاول دعم سيادة الدولة.وقالت الفصائل في أحد شعاراتها، أمس، إن الكاظمي سيرحل بالفوضى بعد أن جاء بها، في إشارة إلى وصوله للحكم، خلال تداعيات الاحتجاج الشعبي الواسع قبل سنة ونصف، متوقعة من الرأي العام العراقي مساندة اعتصاماتها.