محمد الصقر: متابعة ولي العهد لـ «قرار الـ 60» انطلقت من إلمام كامل وتفهم عميق لكل الأبعاد

• كان الأجدى أن تتوجه الجهود أولاً نحو القضاء على ظاهرة تجارة الإقامات
• معظم فرص العمل الناجمة عن القرار لا تجتذب العمالة الوطنية راهناً على الأقل

نشر في 08-11-2021
آخر تحديث 08-11-2021 | 00:09
بعدما أثار جدلاً صاخباً على مدى 14 شهراً، وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة على إلغاء قراره رقم 520/2020، الصادر في أغسطس 2020، والذي حظر تجديد أذونات العمل للوافدين الذين بلغوا ستين عاماً وأكثر، ولا يحملون إلا شهادة الدراسة الثانوية فما دون.

وأكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر، أنه كان لاهتمام سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد بهذا الموضوع ومتابعته له أكبر الأثر وأطيبه، وخاصة أن هذا الاهتمام انبثق عن إلمام كامل وتفهم عميق لكل أبعاد الموضوع الاقتصادية والوطنية والإنسانية، معرباً عن أمله الكبير أن تكون للقيادة السياسية كلمة الفصل في هذا الموضوع، بحيث تعيد الأمور إلى مسارها العلمي في ضوء مصلحة الكويت وقيم العدالة والإنسانية.

وشدد الصقر، على أن «الغرفة» لا تطرح نظرة خاصة بها في هذه القضية بالذات، بل إن ما تطرحه هو نفس ما تقول به الدراسات العلمية المحلية والدولية، بأن الاختلال الخطير في هيكل العمالة والتركيبة السكانية في البلاد لا يعالج بقرارات منفردة ومفاجئة وقابلة للمساومة، بل يعالج من خلال خطة شاملة متكاملة.

ولفت إلى أنه مازال من حق الكويت، التي استثمرت في بناء هذه الخبرات، أن تستمر في الاستفادة منها، وقبل هذا كله لابد من الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من فرص العمل التي تأثرت بالقرار هي فرص لا تجتدب العمالة الوطنية في الوقت الراهن على الأقل، وفيما يلي إجابات الصقر على أهم التساؤلات بشأن إلغاء قرار الستين عاماً:

• لماذا كان لغرفة تجارة وصناعة الكويت بالذات ولكم شخصياً نشاط متميز في العمل على إلغاء هذا القرار أو تعديله؟

- في البداية، لابد من التأكيد المطلق على أهمية وضرورة معالجة الاختلال الكبير والخطير في هيكل القوة العاملة والتركيبة السكانية بالكويت، وهو أمر تدعو إليه الغرفة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وموقفها من هذه القضية ينبثق من كونها قضية وطنية مثلثة الأبعاد، فهي اقتصادياً المدخل الأهم لمعالجة أوضاع الميزانية العامة للدولة، واجتماعياً الشرط الأساس لتعزيز الهوية الوطنية والأمن المجتمعي، وسياسياً الجسر الذي يجب أن تجتازه الكويت لتتحول من دولة موظفين إلى دولة منتجين، مع كل ما يحمله هذا التحول من انعكاسات إيجابية على الإدارة والدخل والممارسة الديموقراطية.

خطة متكاملة

غير أن إصلاح هذا الاختلال لا يكون – برأي الغرفة – بقرارات مفاجئة ومجتزأة، كالقرار رقم 520-2020، بل يكون من خلال خطة متكاملة طويلة المدى ذات تشريعات وإجراءات وتدابير مواكبة وداعمة ومتدرجة، تستند إلى احتياجات البلاد، وإلى تعزيز تنافسيتها الاقتصادية وأمنها المجتمعي، وعلاقاتها الدولية، وهذا تحديدا ما حاولت الدولة أن تتبناه وتعمل على أساسه بموجب القانون الذي صدر نهاية عام 2020 بشأن "تنظيم التركيبة السكانية"، وهذا تحديداً أيضاً ما تعمل على رسم مراحله وخطواته اللجنة التي شكَّلها مجلس الوزراء لإصلاح هيكل العمالة والتركيبة السكانية في البلاد.

وهذه النظرة العلمية والشمولية لأهمية القضية وصعوبتها وتشابك أبعادها على الإنتاج والاستثمار والأسعار، هي التي دعت "الغرفة" إلى العمل على تدارك الانعكاسات السلبية للقرار الإداري رقم 520-2020 أو قرار الستين، كما جرى التعارف على تسميته، بعد أن درست المذكرات التي تلقتها من العديد من الاتحادات النوعية والشركات والمؤسسات في هذا الصدد، وشمل تحرك "الغرفة" الكتابة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، والاجتماع بكل الوزارات والجهات الرسمية والاقتصادية المختصة أو الكتابة إليها.

وكرئيس للغرفة، كان من واجبي أن أبذل كل جهد ممكن لحمل توجهاتها وتوجيهاتها في إطار مصلحة الكويت، وخاصة أن القرار لم يأخذ حظه من الدراسة، في ظل ضغوط الجائحة الصحية، علماً أن الدراسات العلمية العالمية أثبتت أن المرحلة العمرية بين 60 و70 سنة هي أكثر مراحل العمل إنتاجاً، وأن معظم من شملهم "قرار الستين" عملوا في الكويت سنوات طويلة، أصقلت خلالها خبراتهم وتطورت قدراتهم في سوق العمل الكويتي، ومازال من حق الكويت، التي استثمرت في بناء هذه الخبرات، أن تستمر في الاستفادة منها، وقبل هذا كله لابد من الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من فرص العمل التي تأثرت بالقرار هي فرص لا تجتدب العمالة الوطنية في الوقت الراهن على الأقل، وذلك بإقرار أصحاب القرار أنفسهم.

تجارة الإقامات

ومن اللافت للنظر هنا أن القرار رقم 520/2020 صدر في وقت كانت الكويت كلها تتابع بكثير من الحزن والغضب ما كشفت عنه الجائحة الصحية من حقائق صادمة عن تكلفة وتداعيات تجارة الإقامات واستغلال العمالة الوافدة الهامشية، وكانت الكويت كلها تطالب بالكشف عن المؤسسات والشركات والأفراد المتورطين في هذه الظاهرة الآثمة.

وبدلاً من أن تركز كل الجهات المعنية والمختصة جهودها على مكافحة هذه الظاهرة، اختارت الهيئة العامة للقوى العاملة أن تبدأ خطواتها "الإصلاحية" بالعمالة القانونية ذات الخبرة الطويلة في سوق العمل الكويتي. وعلى كل حال إن اختلاف الاجتهادات في قضايا الإصلاح والتنمية أمر طبيعي وقد يكون ضرورياً. المهم أن يكون الاحتكام في هذا الاختلاف للمصلحة العامة وعلى أسس الدراسة والحوار والمشاركة.

ويبقى لي في هذه الإجابة ما كان يجب أن أستهل به إجابتي، وهو أن أتقدم باسم غرفة تجارة وصناعة الكويت، وباسمي شخصياً، بالثناء والتقدير إلى سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، الذي كان لاهتمامه بهذا الموضوع ومتابعته له أكبر الأثر وأطيبه، وخاصة أن هذا الاهتمام انبثق عن إلمام كامل وتفهم عميق لكل أبعاد الموضوع الاقتصادية والوطنية والإنسانية.

القرار ورأي الغرفة

• في الاجتماع الذي عقده مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة الخميس الماضي، أقر المجلس إلغاء "قرار الستين" اعتماداً على رأي "الفتوى والتشريع"، كما ذكرتم، وأقر – بأغلبية الأصوات – قراراً جديداً يسمح بتجديد أذونات العمل للوافدين، الذين بلغوا سن الستين وما فوق ولا يحملون إلا شهادة الثانوية العامة فما دون، شريطة دفع رسم سنوي يبلغ 500 دينار، وشريطة أن يكون لديهم تأمين صحي شامل وخاص، هل يتفق القرار الجديد مع نظرة غرفة تجارة وصناعة الكويت لهذه القضية؟

- في هذا الصدد، يجب أن نتذكر أن القرار رقم 520-2020 في صيغته الأولى كان يحظر تجديد أذونات عمل من يشملهم بشكل مطلق، أي أن على كل عامل وافد بلغ الستين من العمر فأكثر، ولا يحمل إلا شهادة الدراسة الثانوية فما دون، أن يغادر الكويت، ثم جرى تعديل القرار ليسمح بتجديد إذن العمل مقابل رسم سنوي يبلغ 2000 دينار، أي أن التعديل في حقيقته كان تأكيداً للقرار الأصلي ولكن بصيغة أخرى، لأن الغالبية العظمى ممن يشملهم القرار هم من أصحاب الأجور المتواضعة الذين لن يستطيعوا سداد الرسم المطلوب (2000 د.ك سنوياً). أما القرار الجديد، فإنه من الناحية المالية لا يعدو كونه تخفيضاً لهذا الرسم إلى قرابة النصف، لكنه يتميز بأنه يخفض الضغط عن منظومة الخدمات الصحية في البلاد بنسبة بسيطة جداً لا تتجاوز 2 في المئة.

إن "الغرفة" لا تطرح نظرة خاصة بها في هذه القضية بالذات، ما تطرحه "الغرفة" هو نفس ما تقول به الدراسات العلمية المحلية والدولية، بأن الاختلال الخطير في هيكل العمالة والتركيبة السكانية في البلاد لا يعالج بقرارات منفردة ومفاجئة وقابلة للمساومة، بل يعالج من خلال خطة شاملة متكاملة، كما سبق أن ذكرت، والقرار الجديد - مثل سابقه - يقع خارج هذا السياق تماماً.

إن معالجة هيكل العمالة والتركيبة السكانية لا يمكن أن تقوم على الاجتهادات مهما أخلصت، وعلى محاولة التوفيق بين الآراء المختلفة مهما تقاربت أو تباعدت، بل لابد أن تنطلق من دراسات معمقة تأخذ بعين الاعتبار كل التشابكات، وترصد التداعيات المتوقعة على مختلف القطاعات، والتكلفة الاقتصادية وانعكاساتها على مستويات الأسعار وتكاليف المعيشة، كما أن معالجة الخلل في هيكل العمالة والتركيبة السكانية جزء أصيل من استراتيجية التنمية والإصلاح يتأثر بها ويؤثر فيها، ولا يمكن أن يفصل عنها.

لفتة إنسانية

ونحن في "الغرفة" نتساءل: لماذا هذا الاستعجال في هذه الجزئية بالذات؟ وأين العدالة في استثناء الوافدين العاملين في الدولة؟ وإذا كان استثناء حملة الجنسية الفلسطينية لفتة إنسانية مستحقة وواجبة التقدير، فماذا عن حملة جنسيات عربية أخرى تعيش بلادهم ظروفاً قاسية تفرض استثناءهم أيضاً؟ علماً أن الأصل والسائد في التعامل مع من تقدموا في السن هو أن يحصلوا على مزايا جديدة تقديراً لخدماتهم الطويلة، أما قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة فهو يسير بعكس هذا التيار العادل والإنساني، إذ يفرض عليهم رسوماً لا تفرض على من هم أقل خدمة وخبرة وأعلى منهم أجراً.

من هذه الحقائق كلها، يحدوني أمل كبير أن تكون للقيادة السياسية كلمة فصل في هذا القرار، تعيد الأمور إلى مسارها العلمي الموضوعي في ضوء مصلحة الكويت، وفي ضوء اعتبارات العدالة والإنسانية.

• «الغرفة» تنظر إلى قضية إصلاح هيكل العمالة والتركيبة السكانية كقضية وطنية مثلثة الأبعاد فهي المدخل الأهم لإصلاح أوضاع الميزانية العامة والشرط الأساس لتعزيز الهوية الوطنية والجسر الذي تنتقل عليه الكوي

• إصلاح هيكل العمالة والتركيبة السكانية لا يكون بقرارات مجتزأة وغير مدروسة بل عبر خطة متكاملة طويلة المدى تستند إلى احتياجات البلاد ونموذجها التنموي

• من حق الكويت التي استثمرت في هذه الخبرات أن تستمر في الاستفادة منها خاصة أن الدراسات العالمية أثبتت أن المرحلة العمرية الأكثر إنتاجاً هي من 60 إلى 70 سنة

«القرار الستيني الجديد» خفض التكلفة على المشمولين به إلى النصف وخفض الضغط عن منظومة الخدمات الصحية لكنه لا يزال قراراً منفرداً خارج سياق الخطة الشاملة لإصلاح التركيبة السكانية

استثناء حملة الجنسية الفلسطينية توجه كريم ومقدَّر ويجب أن يشمل حملة جنسيات عربية أخرى تعيش بلادهم ظروفاً قاسية

يحدوني أمل كبير أن تكون للقيادة السياسية كلمة فصل في هذا الموضوع تعيد الأمور إلى مسارها العلمي في ضوء مصلحة الكويت وقيم العدالة والإنسانية
back to top