ما لا تعرفه عن نبيك (1) نبي الرحمة والسلام
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
مرجع ذلك نشأة كتابة السيرة النبوية، إذ بدأت بمغازي ابن إسحق إمام المغازي والسير المتوفى 151 هجري، والذي كان كثير النقل عن مسلمة اليهود خصوصا ما يتعلق بالحروب، والناس إنما تستهويهم أخبار البطولات والفتوحات والانتصارات أكثر من غيرها، كما شجع خلفاء بني العباس أخبار المغازي شحذاً لحمية أنصارهم للدفاع عن دولتهم الوليدة ضد خصومهم، ومبررا لتوسيع مملكتهم باسم الجهاد.وما كان المبعوث رحمة للعالمين حربا على البشرية قط، وما كان ذلك سجية لصاحب الخلق العظيم، وما قاتل إلا اضطراراً في الجزيرة وخارجها، دفاعاً أمام اعتداء واقع أو في سبيل أن يقع بأمارات دالة ناطقة من باب (الهجوم خير وسيلة للدفاع) فما كان رسولنا وصحابته الكرام محبين للقتال، بل كارهين له بنص الكتاب "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ"، كيف وهو الذي نهى أصحابه عن مجرد تمني القتال "لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية"؟!أنت أيها المسلم في حِل من قبول مرويات تنسب إلى رسولك، في ما لا يستقيم وشمائله السامية مثل: "بعثت بالسيف، وجعل رزقي تحت ظل رمحي"، لمناقضته الصريحة قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" لا سيفاً على رقابهم، فكيف تقبل أيها المسلم حديثاً يصور رسولك بألا هم له إلا سل السيف من أجل رزقه من المغنم؟! الحديث ضعيف سنداً ومتناً ولا يغرنك تصحيح الشيخ الألباني له، فهو واسع الخطو في تصحيح الضعيف لمجرد كثرة الطرق،كما لا عبرة بتحسينه لحديث "يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبح"، الذي رده مفتي مصر د. شوقي علام لأنه ضعيف سنداً ومتناً .إن نبيك "نبي الرحمة" حقاً وصدقاً لا "نبي الملحمة". استمع للصحابي جعفر بن أبي طالب يجيب النجاشي تعرف نبيك حقاً: "أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ويأكل القوي منا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، دعانا إلى الله نوحده، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزُّور، وأكل مال اليتيم". ثم اسأل نفسك: هل هذه أخلاقيات نبي مولع بالقتال يحب سفك الدماء يتباهى بأنه نبي الملاحم؟! ولا تصدق أيها المسلم أن رسولك أمر بالاغتيال غدراً أو أقر ما سماه الفقهاء لاحقا "جهاد الطلب"، وبعد أن قال المولى "لا إكراه في الدين" لا عليك من حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا"، ولمعترض أن يتساءل: ماذا عن مذبحة بني قريظة (900) يهودي، ذبحوا كالنعاج؟!والجواب: ذلك من تهويلات مسلمة اليهود، واليهود بطبيعتهم وعبر تاريخهم مولعون بنزعة تضخيم أعداد قتلاهم لدى الطرف الآخر لأهداف سياسية (عقدة المظلومية) وتأكد أنه لم يرد في الصحاح عدد صحيح، وروايات أصحاب المغازي مضطربة متضاربة غير منطقية، والصحيح أن الرسول أمر بتنفيذ حكم القتل في 17 يهودياً مقاتلاً بجريمة (الخيانة العظمى)، كانوا رؤوس المقاتلين، خانوا ونقضوا وحاربوا، أما البقية فقد أسروا أو أخذوا سبايا، بنص القرآن "فريقا تقتلون وتأسرون فريقا"، راجع الفيديو التوثيقي الرائع لعدنان إبراهيم و"محمد رسول النور والسلام" للباحث الإماراتي حسين غباش رحمه الله.* كاتب قطري