بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، الذي بدأ يوم الأربعاء الماضي، واستمر على مدى يومين، أعلن المسؤولون عن تقليص البرنامج الضخم لشراء السندات بقيمة 120 مليار دولار بداية من الشهر الحالي. ويتضمن القرار خفض برنامج التحفيز بمقدار 15 مليار دولار شهرياً، مع الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وستبدأ عملية التناقص التدريجي في منتصف شهر نوفمبر الجاري، ومن المرجح أن تنتهي في يونيو 2022. إلا انه تجدر الإشارة إلى تغيير النبرة المتعلقة بالتضخم، حيث اعترف الاحتياطي الفدرالي بأن ارتفاع الأسعار قد يستمر. وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، لايزال الاحتياطي الفدرالي محتفظاً بنبرته المتشددة والتي تختلف عن النبرة الخاصة ببنك إنكلترا، والبنك المركزي الأوروبي، وكلاهما تبنى نهجاً تيسيرياً في اجتماعاتهما الأخيرة.وأدى تزايد الطلب الاستهلاكي بالتزامن مع اضطرابات سلسلة التوريد إلى ارتفاع الأسعار في العديد من القطاعات الأميركية لفترة أطول مما كان متوقعاً من قبل محافظي البنوك المركزية. وفيما يتعلق بالتضخم، أصر باول على أن الاحتياطي الفدرالي لايزال يتوقع أن تكون ارتفاعات الأسعار الأخيرة «مؤقتة»، بينما أضاف أنه «كان من الصعب التنبؤ باستمرار قيود العرض أو آثارها على التضخم». وبلغ معدل التضخم السنوي مؤخراً أعلى مستوياته المسجلة في 13 عاما بوصوله في سبتمبر إلى 5.4 في المئة، بينما انخفض في المقابل معدل البطالة إلى 4.8 في المئة. وفي سبتمبر، خفض الفدرالي آفاق النمو الاقتصادي للولايات المتحدة هذا العام إلى 5.9 في المئة مقابل 7 في المئة، وفقاً لتوقعاته السابقة الصادرة في يونيو.ورفع السوق توقعاته باقتراب موعد رفع سعر الفائدة، خصوصا بعد الإعلان الرسمي عن قرار الاحتياطي الفدرالي تقليص سياسته التيسيرية، حيث ارتفعت احتمالات رفع أسعار الفائدة في يونيو 2022 إلى 68 في المئة وإلى 93 في المئة في شهر يوليو. كما قام السوق أيضا بتسعير رفع الفائدة مرة أخرى في ديسمبر 2022 بنسبة +100 في المئة. إلا أنه على الرغم من ذلك، أثبت القرار الأخير الصادر عن بنك إنكلترا خطأ توقعات الأسواق، وسنناقش ذلك بالتفصيل لاحقًا في سياق هذا التقرير.وبالنسبة لسوق العمل، أظهر تقرير الوظائف الذي تترقبه الأسواق زيادة قوية في معدلات التوظيف بفضل تزايد وظائف القطاع الخاص، التي أضافت 604 آلاف وظيفة، بينما أضافت الوظائف غير الزراعية 531 ألف وظيفة في أكتوبر. وتفوق كلا الرقمين على البيانات السابقة وتوقعات السوق وسط استعداد الولايات المتحدة لموسم العطلات قريباً. وانخفض معدل البطالة من 4.8 في المئة إلى 4.6 في المئة، بينما ظل معدل المشاركة في القوى العاملة ثابتاً عند مستوى 61.6 في المئة.
استجابة الأسواق
اكتسب الدولار زخماً قوياً هذا الأسبوع بعد قيام بنك إنكلترا بخطوة غير متوقعة بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وحصل الدولار على المزيد من الدعم بفضل تقرير الوظائف القوي الذي صدر في وقت لاحق يوم الجمعة. وافتتح مؤشر الدولار تداولات الأسبوع عند مستوى 94.136، ووصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في 3 أسابيع البالغة 94.544 بعد صدور تقرير الوظائف غير الزراعية.في الولايات المتحدة، ذكر معهد إدارة التوريد يوم الاثنين أن قراءة مؤشره لنشاط قطاع المصانع الوطنية تراجعت إلى 60.8 الشهر الماضي مقابل 61.1 نقطة في سبتمبر، علماً بأن القراءة فوق مستوى 50 تشير إلى نمو قطاع التصنيع، والذي يمثل 12 في المئة من الاقتصاد الأميركي. وكانت وتيرة نشاط التصنيع في الولايات المتحدة قد شهدت تباطؤ في أكتوبر، إذ انخفض مؤشر الطلبات الجديدة لأدنى مستوياته على مدار 16 شهراً، وواصلت المصانع مواجهة تحديات تأخير تسلم المواد الخام.أما على صعيد مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في الولايات المتحدة فقد بلغت قراءته 66.7 متجاوزاً بذلك توقعات السوق التي اشارت إلى وصوله إلى 61.9 فقط. وواصل النشاط الاقتصادي لقطاع الخدمات النمو في أكتوبر للشهر السابع عشر على التوالي. كما سجل معدل نمو قياسي للمرة الرابعة في عام 2021.اجتماع بنك إنكلترا
قامت الأسواق المالية بتسعير رفع سعر الفائدة بالكامل من قبل بنك إنكلترا قبل اجتماع السياسة الذي انعقد يوم الخميس الماضي. لكن القرار الصادم بالإبقاء على سعر الفائدة القياسي دون تغيير فاجأ المتداولين وتسبب في حدوث بعض الفوضى على مستوى الجنيه الاسترليني. وفي ذلك عبرة لكل المحللين ودرس لهم للابتعاد عن الإفراط في تفسير الملاحظات الصادرة عن القادة أو صناع السياسات الجدد. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأن صانعي السياسات لديهم إمكانية الوصول إلى الأسواق، فكل ما يتطلبه الأمر لتهدئة الأسواق مجرد كلمات قليلة للإشارة إلى أنهم أخطأوا في التقدير لتجنب مثل تلك التقلبات.وبالعودة إلى تفاصيل الاجتماع، فقد صوت صانعوا السياسة في بنك إنكلترا بواقع 7-2 للإبقاء على سعر الفائدة القياسي عند مستوى 0.1 في المئة. وأعطى أعضاء لجنة السياسة النقدية الأولوية للمخاوف الفورية بشأن تباطؤ وتيرة النمو أكثر من الاهتمام بارتفاع معدل التضخم، والذي من المتوقع أن يصل إلى 5 في المئة العام المقبل. كما عارض المسؤولون تسعير السوق سلسلة من الارتفاعات إلى 1 في المئة العام المقبل وأشاروا إلى أن مثل هذا النهج المتشدد من شأنه أن يؤدي إلى وصول معدل التضخم إلى مستويات أقل بكثير من المستوى المستهدف البالغ 2 في المئة.وافتتح الجنيه الإسترليني تداولات الأسبوع عند مستوى 1.3688، وتم تداوله بحذر قبل اجتماع السياسة النقدية لبنك إنكلترا. وانخفضت العملة إلى أدنى مستوياتها المسجلة في 4 أسابيع وصولاً إلى 1.3424 بعد القرار المفاجئ الذي اتخذه أندرو بيلي محافظ بنك إنكلترا بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. وعلى أساس أسبوعي، فقد الجنيه الإسترليني 1.92 في المئة من قيمته، في ظل تعزيز تقرير الوظائف القوي للاتجاه الصعودي للدولار.... والاحتياطي الأسترالي
اجتمع بنك الاحتياطي الأسترالي الأسبوع الماضي، وألغى المستوى المستهدف لعائد السندات، وقال إن العوامل المحفزة لرفع سعر الفائدة ستستغرق بعض الوقت حتى تتحقق.