مصطفى الكاظمي ... صحافي ورجل استخبارات يجسد عودة «الدولة» إلى العراق
منذ توليه رئاسة الحكومة العراقية في مايو 2020، شغل مصطفى الكاظمي الأوساط السياسية على المستويين المحلي والإقليمي، باعتباره نموذجا للتغيير في سدة الحكم العراقية، التي صبغت بلون واحد منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين 2003.وركز تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية على شخصية الكاظمي، الذي شغل منصب رئيس جهاز المخابرات، وعمل كصحافي سابق، إضافة إلى أنه مفاوض ماهر.وتسلم الكاظمي، المولود في بغداد 1967، رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي عام 2016، في عز المعارك ضد تنظيم داعش، ونسج خلال وجوده في هذا الموقع الاستراتيجي، الذي أبعده عن الأضواء، روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
في بداياته، كان الكاظمي، الذي درس القانون في العراق، صحافيا وناشطا مناهضا للرئيس العراقي السابق صدام حسين من أوروبا، التي لجأ إليها هربا من النظام الدكتاتوري، وعاش سنوات في المنفى، لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية، وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، عاد إلى العراق ليشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تزامنا مع دوره كمدير تنفيذي لمؤسسة الذاكرة العراقية، وهي منظمة تأسست بغرض توثيق جرائم نظام البعث.وفي عام 2016، كانت مفاجأة أن يعين رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي كاتب العمود والناشط الحقوقي في رئاسة جهاز المخابرات، وإضافة إلى دوره في مكافحة الإرهاب والتهريب على أنواعه، طوّر الكاظمي مواهبه كمفاوض ووسيط. ويقول سياسي مقرب من الكاظمي: «للكاظمي شخصية لا تعادي أحدا، صاحب عقلية براغماتية، لديه علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية، علاقة جيدة مع الأميركيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها مؤخرا مع الإيرانيين».ويعرف الكاظمي كيف يكون صديقا لعدوين فيما بينهما، فمع عودته إلى التقارب مع طهران، لم ينس صداقاته القديمة، خلال زيارة للرياض، المنافس الإقليمي لطهران، عقب توليه رئاسة وزراء العراق في مايو 2020، حيث شوهد وهو يعانق مطولا صديقه الشخصي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.ونتيجة لهذه العلاقات المنسوجة شرقا وغربا، حاول في الأشهر الأخيرة جعل بغداد تتمتع بمركز دولي، فقد كانت بغداد مسرحا لمفاوضات مغلقة بين طهران والرياض، وشهدت زيارة تاريخية للبابا فرنسيس في مارس، واستضافت في أغسطس الماضي مؤتمرا دوليا، شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.ويرى مراقب غربي أن الكاظمي «يجسد عودة دولة عراقية ذات سيادة»، لكن فصائل موالية لإيران تتهمه بأنه متواطئ في اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة في بغداد، وكان لابد عليه لذلك أن يعيد تحسين صورته أمام طهران.داخليا، يواجه الكاظمي معارضة الحشد الشعبي، الذي يطالب بانسحاب كامل للقوات الأميركية من العراق، ويواصلون الضغط على الكاظمي في هذا الصدد.وبعد حصوله على دعم الطبقة السياسية، التي تحتكر السلطة منذ 16 عاما، اضطر الكاظمي إلى إعادة نسج الروابط التي تقطعت مع العراقيين الغاضبين الذين تظاهروا خلال أشهر ضد السياسيين «الفاسدين»، حاول أيضا التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد. ويقول مدير الدراسات في معهد الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد توبي دودج «إنه مفاوض بارز ولاعب ماكر».