محاولة اغتيال الكاظمي تحشد تأييداً لسياسته ضد الميليشيات
رسالة تحذير بـ «المسيّرات» لمنعه من «التجديد»
تلقى رئيس حكومة العراق مصطفى الكاظمي أقوى رسالة تحذير من خصومه، منذ وصوله إلى السلطة، وذلك بعد استهداف منزله بثلاث طائرات مسيّرة، فجر أمس، تركت أضراراً مادية وأصابت بعض أفراد الحماية، حسب بيان رسمي وصف ما جرى بأنه محاولة اغتيال للرئيس. جاء ذلك بعد يوم واحد من اشتباك أنصار الفصائل المسلحة مع الشرطة، التي كانت تحاول منعهم من اقتحام مقار الحكومة في العاصمة بغداد.وواجهت الفصائل الحليفة لطهران اتهامات مباشرة بالتورط في الهجوم، حيث تعرضت لانتقادات لاذعة من الرأي العام العراقي، الذي تضامن مع الكاظمي لأول مرة بهذا الشكل الواسع، في ثالث مواجهة كبيرة يخوضها مع الميليشيات منذ وصوله إلى السلطة قبل سنة ونصف السنة.
وعلمت «الجريدة»، من مصادرها، أن منسوب التهديد لمقار الحكومة مرتفع جداً منذ نهار أمس الأول، مشيرة إلى أن الميليشيات التي تعرضت لخسارة بالغة في انتخابات أكتوبر الماضي، قررت التصعيد عبر اللجوء إلى العنف، بعد أن فشلت احتجاجات أنصارها في الضغط على الجهات القضائية بشأن نتائج الانتخابات.ودانت دول الخليج العربي ومصر، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، محاولة اغتيال رئيس وزراء العراق، كما حذّرت معظم الأحزاب من عواقب ذلك على هيبة الدولة والسلم الداخلي.وجاء تصعيد الميليشيات بعد إشارات واضحة على تقارب بين الكاظمي وأكبر الفائزين في الانتخابات وأبرزهم، زعيم التيار الصدري، الذي قطع مباحثاته مع الأحزاب وترك بغداد عائداً إلى النجف، منعاً لاحتكاكات أشد مع حلفاء إيران، حسب تعبير مصادر مقربة من التيار تحدثت إليها «الجريدة».وينظر إلى تظاهرات الفصائل بوصفها ضغوطاً مكثفة لمنع فريق الكاظمي من البقاء في السلطة لولاية ثانية، لكن محاولة اغتيال رئيس الحكومة عزّزت من حظوظه لدى الرأي العام وقوى حراك تشرين الاحتجاجي، حسب مراقبين قالوا إن التخلي عن الكاظمي سيتحول إلى خضوع معلن للفصائل الموالية لإيران، وسيفتح باب تنازلات كبيرة ويحبط محاولات الدولة لكبح جماح الميليشيات وتقييد نفوذهم. وذكرت مصادر رفيعة في بغداد أن بيانات الفصائل المعارضة للكاظمي تفاوتت في لهجتها، مما يعكس وجود انقسام داخل الأجنحة المتشددة بشأن التعامل مع الحكومة، التي نجحت في إجراء انتخابات لم تكن طيعة لعمليات التلاعب السابقة، كما فتحت تحقيقات موسعة وحاكمت عدداً من عناصر الميليشيات لتورطهم في قمع ناشطي الاحتجاج الشعبي.وذكر عدد من قادة الفصائل أن بوسعهم استهداف الكاظمي، ولكن ليس بهذه الطريقة، كما دعا قادة فصائل آخرون إلى تحقيق عالي المستوى يكشف «طرفاً آخر» يحاول إيقاع الفتنة بين الحكومة وفصائل الحشد الشعبي.وقال الكاظمي، في كلمة متلفزة بُثت فجر أمس، إنه كان مستعداً منذ البداية للتضحية بنفسه، وأدرك أن مواجهة السلاح المنفلت ستكون عملية مكلفة.وتحاشى ناشطو الحراك في العادة تأييد خطوات الكاظمي طوال الشهور السابقة، لكن أبرز القيادات الاحتجاجية الشابة كتبت، أمس، أنها لن تقف متفرجة، ولن تتوانى عن دعم الكاظمي في مواجهة سلاح الفصائل.وتأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث ينتظر العراق انسحاب القوات الأميركية كاملة، الشهر المقبل، تطبيقاً لاتفاق أبرم مطلع العام الحالي.