عملاً بالمادة 11 من الدستور والتي تنص على أن "تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية"، أصدر المغفور له- بإذن الله- الشيخ صباح السالم الأمر الأميري بإنشاء التأمينات الاجتماعية في عام 1976، وفي الأول من مارس 1981 عدل القانون ليشمل العاملين في القطاع الخاص.

البدايات كانت جميلة خصوصاً أن ثلة جميلة من شباب الكويت في ذاك الوقت تسلمت زمام الأمور، أبرزهم حمد الجوعان، وأحمد الهارون، ومشاري العصيمي، رحمهم الله جميعاً وغيرهم أكيد، لكن مع مرور الزمن واستفحال تعيين هذا ولدنا، تبدلت الحال وتطورت الأمور مع الأسف إلى الأسوأ.

Ad

لندع السرد التاريخي، ولنذكر بالعقد الأخير من الزمن، الذي برزت فيه الفضائح، فقد دان القضاء الكويتي المدير العام الأسبق السيد فهد الرجعان بسرقات واختلاسات تقدر بمئات ملايين الدنانير، لكنه بحجة السفر إلى العمرة تمكن من الخروج من الكويت ليصل به المطاف إلى العاصمة البريطانية لندن ليعيش كالملوك بأموال المتقاعدين وسط عدم جدية من الحكومات السابقة والحالية في استرجاعه، لأسباب لا يعلمها إلا الله، ومن ثم بعض الراسخين في العلم.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الأيام الأخيرة شهدت أحداثاً تراجيدية في ملف التأمينات، فها هي محكمة بريطانية ترفض إعادة 500 مليون دولار في قضية الرجعان لأسباب إجرائية، وها هو ديوان المحاسبة يكشف أن بنك "فرانسبنك" بلبنان يرفض إرجاع وديعتين بقيمة 347 مليون دولار، والمتابع للشأن اللبناني يعلم جيداً أنه ومنذ مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في عام 2005 ولبنان يعاني أزمات سياسية وأمنية خانقة، وأن قيام مؤسسة التأمينات بالاستثمار هناك يعتبر مخاطرة غير مدورسة بأموال المتقاعدين.

أتصور المطلوب الآن أن يشارك المتقاعدون أنفسهم في الرقابة على أموالهم من خلال انتخاب بعضهم في مجلس إدارة التأمينات وأن يعدل القانون بحيث يتضمن قرار الاستثمار أن يشرف عليه المجلس المنتخب، لأن من الواضح أن إدارات التأمينات المتعاقبة فشلت في الحفاظ على أموال المتقاعدين، ويبقى أن تشددها لا يظهر إلا في حالة أي مقترح يشمل إعطاء منحة "كاش" للمتقاعدين البسطاء والكلمة السحرية التي تعقب أي اقتراح من هذا النوع هي "العجز الاكتواري".

إذا أردتم الشفافية فليشارك ممثلون عن المتقاعدين في إدارة التأمينات، غير ذاك سنستمر نسمع عن سرقات من جهة، ونسمع أيضاً مصطلح العجز الاكتواري من جهة أخرى، وكل عجز وأنتم بخير.

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.

قيس الأسطى