وسط أجواء قاتمة وحالة من الترقب الشديد، كشف أمس مسؤولون أمنيون ومصادر مقربة من الفصائل العراقية أن الهجوم على مقر إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمس الأول، بثلاث طائرات مسيّرة، نفّذته قوى مدعومة من إيران.

وأوضح مسؤولان عراقيان، لوكالة رويترز أن «الهجوم ارتكبته كتائب حزب الله القوية وعصائب أهل الحق جنباً إلى جنب»، وأضافا أن «الطائرات المسيّرة والمتفجرات المستخدمة في الهجوم إيرانية الصنع».

Ad

ونقلت «رويترز» عن

3 مصادر مقربة من الجماعات المسلحة أن «كتائب حزب الله متورطة من دون تأكيد دور «العصائب».

في المقابل، اعتبر رئيس المجلس السياسي لـحركة النجباء، علي الأسدي، أن «جميع الدلائل والمعطيات تؤكد أن من يقف خلف الهجوم هو السفارة الأميركية»، واصفاً الهجوم بأنه محاولة لجرّ العراق إلى أزمات داخلية وتداعيات خطيرة.

وبعد العملية، شكك الأمين العام لجماعة العصائب، قيس الخزعلي، باستهداف الكاظمي وعدها محاولة لخلط الأوراق، في حين ذهب المسؤول الأول بكتائب «حزب الله»، أبو علي العسكري، إلى أبعد من ذلك، مؤكداً أن هناك طرقاً أقل تكلفة وأكثر ضماناً للتخلص من الكاظمي.

وفي تفاصيل جديدة عن محاولة الاغتيال، توصلت التحقيقات الأولية إلى أن خبراء كشف المتفجرات في وزارة الداخلية وجهاز المخابرات وجدوا أن الصواريخ والطائرات المستخدمة بالعملية هي ذاتها التي قصفت القواعد والمنشآت الأميركية سابقاً.

وبحسب تقارير، فإن الطائرات انطلقت من منطقة الكريعات وتحديداً من خلف المنطقة السياحية، مبينة أن «التحليلات تشير إلى أن المهاجمين كانوا يعرفون أنهم لن يتمكنوا من استهداف الكاظمي بطائرة واحدة داخل منزله، لذا شنّوا هجومهم بثلاث طائرات لإخراجه من المنزل لاغتياله، لكن خطتهم لم تنجح».

وفي وقت سابق، كشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، عن انطلاق طائرتين من أصل 3 مسيّرات من منطقة تبعد 12 كلم شمال شرق بغداد، وحلّقتا بارتفاع منخفض بشكل منع كشفهما عبر الرادارات ونفذتا الهجوم، موضحاً أن العملية تضمنت تفجيراً ثانياً عبر طائرة مسيّرة تم إسقاطها.

اجتماعات قآني

وبعد ساعات على محاولة اغتيال الكاظمي، وصل قائد فيلق القدس إلى بغداد، وعقد اجتماعاً عاصفاً مع قادة الفصائل العراقية المسلحة، التي وجهت أصابع الاتهام لها، لاسيما بعد شنها حملة تجييش وتحريض ضد رئيس الحكومة وقوات الأمن منذ أكثر من أسبوع.

وفي زيارته غير المعلنة، التي تضمنت لقاءه الكاظمي وبعده رئيس الجمهورية برهم صالح، حاول قآني، نفي تورط بلاده أو معرفتها بالطرف الذي يقف وراء العملية.

وأفاد مصدر بأن اجتماع قآني مع قادة الفصائل لم يكن بأجواء إيجابية، بل شهد نوعاً من الحدية بين الطرفين، الأمر الذي دعاه إلى عدم الإطالة، والذهاب إلى زعيم تيار «الحكمة»، عمار الحكيم، وأوصاه بضرورة بذل جهوده للتهدئة.

وخلال لقائه الكاظمي، شدد قآني على رفض طهران الكامل لمحاولة اغتياله، وأبلغه بعدم علم طهران بهكذا عملية، وعدم معرفتها أي جهة تقف خلفها، وعرض تقديم المساعدة في التحقيق.

بدوره، أعلن المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، سعيد خطيب زادة، عن الاتفاق مع العراق على تقديم المساعدة للكشف عن المتورطين في الهجوم، مشدداً على أن أمن العراق واستقراره يهم إيران وعلى كل الفصائل العمل لتسهيل تحقيق ذلك، معتبراً أن الولايات المتحدة «مصدر الانفلات الأمني في العراق».

جلسة استثنائية

ومع إعلان القوات الأمنية والعسكرية حالة التأهب القصوى ونشر المزيد من القوات الخاصة في محيط المنطقة الخضراء والأحياء المجاورة، توعد الكاظمي، ليل الأحد- الاثنين بملاحقة ومحاكمة منفذي محاولة اغتياله، وأيضاً قتلة ضابط المخابرات العقيد نبراس فرمان، مؤكداً أنه يعرفهم جيداً وسيكشفهم.

ودخلت القوات الأمنية والعسكرية في حالة تأهب قصوى في محيط المنطقة الخضراء والأحياء المجاورة، وأصدر الكاظمي أوامر بنشر الدبابات في شوارع بغداد، مع تحليق الطائرات في أجوائها، واستقدم المزيد من قوات الأمن، فضلاً عن انتشار مجموعات من أجهزة الاستخبارات مصحوبة بآليات عسكرية عالية التسليح.

وفي جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، اتهم خلالها أطرافاً لم يسمّها بمحاولة العبث بأمن العراق واختطافه، قال الكاظمي: «هذا العمل الجبان لا يليق بالشجعان، ولا يعبّر عن إرادة العراقيين»، مؤكداً أن حكومته منعت «انزلاق العراق في حرب إقليمية».

وإذ ثمّن تضامن قادة وزعماء المنطقة والعالم ومواقفهم مع العراق، عبّر الكاظمي عن اعتزازه بكل القوى السياسية الداعمة لمفهوم الدولة إزاء اللا دولة»، لافتا إلى أن «عمر العراق طويل، وأعمار دعاة اللادولة والفوضى قصيرة».

وفي محاولة لتجنب الانجرار إلى الأسوأ، التقى مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، برئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، كلاً على انفراد، لبحث المستجدات الأمنية والسياسية، والتأكيد على أهمية الحفاظ على الاستقرار الأمني، وضرورة التعاون والتلاحم في مواجهة التحديات والخروج برؤية موحدة.

عرض أميركي

وبينما ندد الرئيس الأميركي جو بايدن «بشدة» بالهجوم «الإرهابي»، وأصدر أوامر لفريق الأمن القومي بتقديم المساعدة اللازمة لقوات الأمن العراقية للتحقيق وتحديد المسؤولين»، أجرى وزير خارجيته أنتوني بلينكن مشاورات هاتفية مع الكاظمي، وكرر له شخصياً هذه الإدانة وعرض دعم التحقيق.

وعبر بلينكن عن غضب واشنطن من الاعتداء، واعتبره أيضاً «هجوما على سيادة واستقرار الدولة العراقية، وليس رئيس الحكومة فحسب»، معرباً عن «تقدير الولايات المتحدة العالي للنهج القيادي للكاظمي، وشجاعته في مواجهة التحديات الصعبة».

وفي تطور مواز تزامن مع استمرار الاعتصامات أمام المنطقة الخضراء، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، أمس، تطابق نتائج إعادة فرز أصوات أكثر من 4 آلاف محطة انتخابية، بعد الانتهاء من النظر بطعون تقدّمت بها أطراف خاسرة.