مرافعة: تنظيم رخص مكاتب المحاماة!
الإشراف على مهنة المحاماة وتنظيم شؤون منتسبيها أمر أخضعه قانون إنشاء المهنة إلى جمعية المحامين وحدها، وأكدت عليه المحكمة الدستورية في العديد من أحكامها، ولازمه أن الجمعية وحدها هي المهيمنة على شؤون المهنة وأعضائها، وما يستطيل إلى إنشاء مكاتب المحاماة منذ منح الرخص إلى أمر سحبها وإغلاقها.وتنظيم مكاتب المحاماة كتنظيم أمر قبول المنضمين إلى المهنة يقتضي من جمعية المحامين ولجانها تنظيمها، من حيث وضع الضوابط المقررة لمنح الرخص، وقدرة طالب الترخيص على ممارسة العمل وفق متطلبات فنية وإدارية مُعدة لذلك سلفاً، علاوة على حق الجمعية في الاطلاع على تحقق تلك الضوابط والشروط وتوافرها طالما كان الترخيص الممنوح قائماً.وما يشهده الواقع العملي اليوم هو إطلاق الجمعية لأمر منح تراخيص مكاتب المحاماة، دون أن تكون هناك أدنى ضوابط ومتطلبات فنية وإدارية من شأنها أن تساهم في قدرة طالب الترخيص على فتح مكتب للمحاماة، وهو الأمر الذي دفع العشرات إلى تأجير رخص المحاماة لآخرين وفق عقود تضمين شأنها شأن رخص المطاعم والخياطة والحلاقة!
كما أن عدم القدرة الفنية والإدارية لدى بعض الحاصلين على رخص مكاتب المحاماة دفعهم إلى التعاقد مع العديد من المتقاضين بأجور بسيطة دون تحقيق التزام عملي وفني معهم تجاه القضايا، وهو ما جعلهم يركزون على بعض القضايا، وترك باقي القضايا للمحامين «المنابين» الموجودين يومياً في المحاكم لمتابعة قضاياهم. وهو الأمر الذي يستدعي معه تحرك الجمعية، من أجل وضع العديد من الضمانات التي من شأنها أن تسهم في ضبط المهنة ومنتسبيها، فضلاً عن ضبط أداء مكاتب المحاماة، وإثبات جدية حصولها على الرخص من واقع توافر الحد الأدنى من المتطلبات، إذ إن المحاماة مهنة رئيسية، وليست ثانوية، ويقتضي على صاحب الترخيص التفرغ لها ولمهامها.كما يتعيَّن على الجمعية النظر في إمكانية تصنيف مكاتب المحاماة إلى فئات ترتبط بمنحها العديد من الإشغالات والتراخيص، كالموافقة على منح هويات وشهادات وتسجيل وقيد المحامين والباحثين والمستشارين القانونيين على المكتب بأعداد محددة، فضلاً عن عدم تجديد الرخص لتلك المكاتب ما لم يكن هناك كشف من قِبل فريق للجمعية، للتأكد من تسيير العمل في تلك المكاتب.إن وضع القواعد والضمانات للحصول على رخص فتح مكاتب المحاماة ليس بالأمر الصعب، بل هو تنظيم مفترض ومكمل للشروط الواردة بقانون إنشاء مهنة المحاماة، وعليه فلا يمكن التعذر بغياب النصوص الصريحة المقررة لذلك، لأنه في الوقت نفسه لا توجد النصوص المانعة لذلك التنظيم المبرر لفكرة هيمنة الجمعية على شؤون أعضائها وعلى أمر المهنة على حد سواء.