في محاولة لقطف نتائج التصعيد واستغلال التصعيد الميداني والعسكري في إزاحة رئيس الوراء العرقي مصطفى الكاظمي من المشهد، وسّع قائد "فيلق القدس" اللواء إسماعيل قآني نطاق مشاوراته المتواصلة في بغداد لتشمل القيادات السنية والكردية، في وقت حذّر سفير إيران من استباق الأحداث قبل إعلان نتائج التحقيق بمحاولة اغتياله، التي أكدت الأدلة على تورّط الميليشيات الموالية لها بها.

ومع كشفه عن تفاصيل لقاءات قآني الموسعة في بغداد، دعا السفير الإيراني في العراق، إيرج مسجدي، إلى "عدم استباق الأحداث قبل إعلان نتائج التحقيق" في محاولة اغتيال الكاظمي، بعد أن أشارت تحقيقات أولية ومصادر أمنية عراقية إلى أن الهجوم نفّذ بمسيّرات إيرانية الصنع ونفذته جماعات متحالفة مع طهران.

Ad

وجاء تحذير مسجدي رداً على اتهام مسؤولين أمنيين ومصادر مقربة من الفصائل الموالية لإيران كتائب "حزب الله" وجماعة عصائب أهل الحق بالمسؤولية عن محاولة اغتيال بثلاث طائرات مسيّرة في منزله بالمنطقة الخضراء شديدة التحصين، مؤكدين أن "الهجوم تم بطائرات مسيّرة ومتفجرات إيرانية الصنع".

وتوصل خبراء كشف المتفجرات في وزارة الداخلية وجهاز المخابرات إلى أن الصواريخ والطائرات المستخدمة بالعملية هي ذاتها التي قصفت القواعد والمنشآت الأميركية سابقاً.

وفي تصريح حول نشاطات قائد فيلق القدس، قال مسجدي إنه "لا يوجد لدى إيران أي خط أحمر في موضوع التحقيق بمحاولة اغتيال الكاظمي، وأي جهة يثبت تورطها في الهجوم على منزل رئيس الوزراء يجب أن تعاقب وفق القضاء العراقي"، لكنه شدد في الوقت نفسه على "ضرورة التحقيق بكل أبعاد الجريمة".

وأوضح أن "قآني أكد بشكل صريح وشفاف وقاطع على معاقبة المتورطين في جريمة محاولة الاغتيال، أيا كانوا، وفق القانون العراقي، ودعا الجميع للهدوء والتعاون".

وتابع أن "قآني أكد أهمية إجراء تحقيق دقيق في كل الجوانب التقنية للهجوم".

وعن أزمة الانتخابات، أشار إلى أن قآني أكد للأطراف العراقية التي التقاها "ضرورة احترام النتائج النهائية للانتخابات التي ستعلنها مفوضية الانتخابات والمؤسسات الرسمية في العراق، وأن تتم الاعتراضات والطعون على نتائج الانتخابات البرلمانية في إطار القانون"، مؤكدا دعم إيران للمسار القانوني في موضوع الانتخابات وإعلان نتائجها".

وكان قآني التقى في بغداد، أمس، رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي وقيادات سنيّة، قبل أن يزور إقليم كردستان.

وبحسب وسائل إعلام ايرانية، دعا قائد فيلق القدس الأطراف العراقية التي اجتمع معها إلى الهدوء والتعاون، وضرورة احترام النتائج النهائية للانتخابات التي ستعلنها المفوضية والمؤسسات الرسمية العراقية، كما دعا إلى بحث الطعون في الانتخابات وبتها في إطار القانون.

وقال مصدر سياسي في بغداد لـ "الجريدة" إن "إيران تضغط بوصفها الوسيط النقي المحايد. يقولون لزعيم التيار الصدري تنازل عن الكاظمي، وسنجعل الفصائل الولائية تتنازل عن الطعن بالانتخابات".

وأضاف: "سلوك إيران الحالي هو محاولة لانتهاز الفرصة أو قطف ثمرة التصعيد. في المقابل، يقول الطرف السيادي لطهران إن تغيير الكاظمي أمر ممكن، لكنه قد يعني بقاء سيف الحشد مُصلتاً على أي رئيس مقبل. وكلما غضب الحشد قصف مقر الرئيس. وهذه معادلة يجب أن تعالَج قبل الخوض في تشكيل الحكومة الجديدة".

جماعات إيران

في المقابل، جدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، تأكيد "ضلوع جماعات مسلحة مدعومة من إيران في محاولة اغتيال الكاظمي"، مؤكداً أنها "لديها إمكانية الوصول إلى الموارد والوسائل الفتاكة لتنفيذ مثل هذه الهجمات".

وقال كيربي: "نفذوا هجمات مماثلة باستخدام طائرات كبيرة وصغيرة من دون طيار. هذا هو تكتيكهم المعتاد، ولذا، ننطلق من افتراض ذلك، لكنني لن أتوسع في التحليل الآن".

وفي اتصال مع الرئيس برهم صالح، أعرب وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن استنكاره "للهجوم الإرهابي" على مقر الكاظمي، واعتبره أيضاً اعتداء على سيادة العراق واستقراره، مشدداً على أن علاقة الإدارة الأميركية مع حكومة العراق وشعبه راسخة.

«درون» واقتحام

وفي تطور جديد، أعلنت قيادة عمليات بغداد، أمس، ضبط طائرتَي "درون" مسيرة وأسلحة غير مرخصة ومواد مخدرة، فضلاً عن اعتقال 8 متهمين ومصادرة 27 مسدساً، و3 بنادق مختلفة الأنواع من قبل المفارز المشتركة.

وفي حين باشرت الهيئة القضائية النظر في طعون نتائج الانتخابات البرلمانية وملاحقها الواردة إليها من مفوضية الانتخابات، أفاد مصدر أمني بأن المعتصمين الرافضين لنتائج الانتخابات اتخذوا إجراء تصعيدياً أمام المنطقة الخضراء بتقدّمهم باتجاه خط الصد الأول قرب وزارة التخطيط، ومحاولة اقتحامه، رغم دعوات للتهدئة، مبينا أن القوات الأمنية سارعت بالرد بنشر المزيد من عناصرها بساحة التحرير لتأمين مبنى الوزارة وحماية الممتلكات العامة.

تنسيق سعودي

وغداة تأكيد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في اتصال مع الكاظمي، وقوف المملكة إلى جانب العراق، بما يعزز أمنه واستقراره، استقبل أمس نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، الذي وصل إلى الرياض على رأس وفد عسكري من كبار الضباط.

وكتب خالد بن سلمان، في تغريدة "التقيت وزير الدفاع العراقي جمعة عناد الجبوري، واستعرضنا العلاقات الثنائية في المجال الدفاعي، وسبل تطويرها، إضافة إلى بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين"، حسب التغريدة.

وذكرت وزارة الدفاع، في بيان، أنه "بناء على دعوة رسمية من ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وصل وزير الدفاع العراقي الى السعودية، وكان في استقباله نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان".

ومساء أمس، أعرب الأمير محمد، في اتصاله مع الكاظمي، عن استنكاره "للاعتداء الآثم" الذي تعرّض له، مؤكداً حرص المملكة على "أمن العراق واستقراره، وتضامنها مع بغداد حكومةً وشعباً في مواجهة التحديات".