موسكو تساند بيلاروس عسكرياً في «أزمة المهاجرين»
بولندا تدعو إلى قمة أوروبية وتقترح حظر الرحلات الجوية من الشرق الأوسط
أرسلت موسكو قاذفتين من طراز «تو 22 إم 3» في دورية جوية بسماء حليفتها بيلاروس، مع تصاعد التوتر بين الأخيرة ودول الاتحاد الأوروبي، التي تتهمها بتسهيل وصول المهاجرين غير الشرعيين إليها، في حين دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التدخل من أجل نزع فتيل الخلاف.
بعد نشر بولندا، عضو الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، تعزيزات عسكرية تضمنت دبابات على حدود البلد، الذي تسكنه غالبية ناطقة بالروسية، لصد تدفق مهاجرين غير شرعيين قدموا من الشرق الأوسط وخاصة العراق، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن قاذفتين بعيدتي المدى من طراز «تو22 إم 3» تابعتين لها نفذتا دورية جوية في سماء بيلاروس. وذكرت الوزارة، أمس، أن الدورية نفذت بهدف «اختبار نظام الدفاع الجوي الموحد لدولة الاتحاد بين روسيا وبيلاروس، والتدرب على التعامل بين الطيران الحربي ومراكز قيادة برية للجيشين الروسي والبيلاروسي». ولفتت موسكو إلى أن الدورية نفذت تحت قيادة قائدي سلاح الجو والدفاع الجوي في الجيش البيلاروسي، مشيرة إلى أن القاذفتين الروسيتين حققتا كل الأهداف المنوطة بهما.في موازاة ذلك، رفض الكرملين اتهامات رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، الذي حمّل روسيا مسؤولية أزمة الهجرة على الحدود بين بولندا وبيلاروس، حيث يوجد آلاف المهاجرين العالقين بينهم أطفال.
وحذر الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف من مخاطر استمرار تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى الحدود البولندية البيلاروسية، واصفا الوضع بـ«الكارثة الإنسانية المحدقة»، وأضاف: «بالطبع أصبحنا على أعتاب كارثة إنسانية محدقة، فالحديث يدور حول حياة وصحة آلاف من الناس، وهم لاجئون يقولون بكل صراحة إنهم لا يرغبون في البقاء في بولندا، بل ينوون التوجه إلى عمق أراضي الاتحاد الأوروبي».وذكر بسابقات حظي فيها اللاجئون بحق الدخول لأراضي الاتحاد، مضيفا: «كان الأوروبيون يتحدثون عن القيم الأوروبية السامية فيما يتعلق بحماية هذا النوع من المهاجرين وتلبية مصالحهم وأمنهم، انطلاقا من الاعتبارات الإنسانية قبل غيرها»، وعلق على ورود تقارير عن احتمال إقدام سلطات وارسو على إغلاق حدودها مع بيلاروس على خلفية الأزمة، قائلا إن مثل هذه القرارات «من شأنها أن تجعل الوضع أكثر تعقيدا، إذ ليس ذلك سوى محاولات لمواصلة خنق بيلاروس» الدولة الحبيسة بشمال أوروبا.
رد مشترك
في موازاة ذلك، اتهم وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي الغرب بـ«افتعال أزمة الهجرة»، متابعا: «في ضوء الجولة الخامسة من العقوبات التي يتحدثون عنها في الغرب، الذريعة المستخدمة هذه المرة هي أزمة الهجرة التي افتعلها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه التي تتشارك حدودا مع بيلاروس».وأضاف ماكي، خلال لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، انه يأمل «تعزيز العمل» مع روسيا، حليفة بلاده الرئيسية، داعيا إلى رد مشترك مع موسكو على «الأعمال غير الودية» التي تستهدف مينسك.من جانبه، قال لافروف إن مينسك وموسكو «عززتا تعاونهما بشكل فعال لمواجهة حملة ضد بيلاروس شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في المنظمات الدولية».ميركل وبوتين
ومع تفاقم التوتر، خلال الأيام القليلة الماضية، بين الاتحاد الأوروبي ومينسك المتهمة بتنظيم رحالات جوية رخيصة لجلب المهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا، بهدف الضغط على التكتل، ردا على فرضه عقوبات على الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، إثر شنه حملة «قمع سياسية»، طلبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التحرك ضد «استغلال المهاجرين من قبل النظام البيلاروسي». وفي اتصال هاتفي أجرته مع بوتين، قالت المستشارة المنتهية ولايتها إن «استغلال المهاجرين أداة» على الحدود بين بولندا وبيلاروس «أمر غير مقبول». وتأتي دعوة ميركل لموسكو بالتدخل غداة مطالبة الرئيس البيلاروسي، الذي يطلق عليه اسم «آخر دكتاتور في أوروبا»، لوارسو بالسماح للمهاجرين بالعبور، قائلا إنهم يريدون الاستقرار في ألمانيا وليس في بولندا.قمة أوروبية
في هذه الأثناء، طالب رئيس الوزراء البولندي الاتحاد الأوروبي بعقد قمة لمناقشة الوضع الراهن على حدود التكتل مع بيلاروس في أقرب وقت ممكن.وكشفت تقارير أن مورافيتسكي لا يريد الانتظار حتى انعقاد القمة العادية للاتحاد الاوروبي، المقررة في ديسمبر المقبل، ويستعجل عقد لقاء الزعماء وإن عبر الانترنت.ووسط حديث عن استعداد التكتل لمعاقبة شركة الطيران الحكومية البيلاروسية، قال عقب لقائه مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل: «يجب أن نتطلع إلى منع الرحلات الجوية من الشرق الأوسط إلى بيلاروس»، واصفا ما تفعله بيلاروس بـ«إرهاب الدولة». وجاء ذلك بعد أن زار رئيس الوزراء البولندي ووزير الدفاع ماريوس بلاشتشاك نقطة تفتيش «كوزنيتسا» على الحدود مع بيلاروس، حيث يوجد في المنطقة مخيم للاجئين. ورأى مورافيتسكي أن نقطة التفتيش على الحدود تمثل «خط المواجهة الأول».وترفض وارسو السماح للمهاجرين بدخول أراضيها، وأرسلت مئات الجنود كتعزيزات إلى الحدود في الأسابيع القليلة الماضية، فضلا عن إقامة سياج من الأسلاك الشائكة، في محاولة لوقف أي محاولات من جانب المهاجرين لاختراق الحدود.وأمس الأول، أعربت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، عن القلق إزاء أوضاع المهاجرين على الحدود بين بيلاروس وبولندا ولاتفيا وليتوانيا، كما نددتا بـ«استغلال المهاجرين واللاجئين لتحقيق غايات سياسية».احتجاز واتهام
في السياق، احتجزت الشرطة البولندية 50 مهاجرا عبروا الحدود من بيلاروس خلال الساعات الـ24 الماضية، وما زالت تبحث عن آخرين، قرب بيالفييزا. ويأتي ذلك وسط تقارير عن تمكن عشرات الأشخاص من تدمير أسوار قريبة من قريتي كرينكي وبيالويزا وعبور الحدود ليل الثلاثاء - الأربعاء.وقال وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك لراديو بولندا إن «الوضع ليس هادئا»، مضيفاً أن مجموعات أصغر من المهاجرين تحاول الآن اختراق حدود الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ناتو، واتهمت وزارة الدفاع البولندية مسؤولين بيلاروسيين باستخدام التخويف لإجبار المهاجرين على اختراق الحدود.إقبال كردي على «مسار مينسك» وميزانية عراقية لاستعادة العالقين
أفادت تقارير من إقليم كردستان برواج فكرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بين كثير من الشباب الكردي، الذي وصل إلى «حافة اليأس» مع تردي الأوضاع المعيشية، عبر مسار بيلاروس، التي تتساهل شركة طيرانها الحكومية في نقل الراغبين من الشرق الأوسط إلى مينسك المتاخمة لحدود الاتحاد الأوروبي. يأتي ذلك في وقت تتوارد أنباء عن وصول نحو 4 آلاف شاب من كردستان إلى الشريط الحدودي الفاصل بين بيلاروس وبولندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وكثيرون منهم عالقون حالياً بظل ظروف صعبة ودرجات حرارة تصل إلى حد التجمد. وأمس الأول، خصصت الحكومة العراقية، 200 ألف دولار لوزارة الخارجية؛ لدعم عودة العراقيين العالقين في بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا طوعيا.
ميركل تستنجد ببوتين ومينسك تتهم الغرب بافتعال مشكلة لتبرير عقوبات جديدة