قد تتغير الوجوه والأقنعة، لكن يظل أشخاص الوزارة القادمة بفكرهم على حالهم، ووزارة "تصريف العاجل من الأمور" ستبقى تدير أمور الدولة المشيخية، رغم اعتراض عدد من النواب، "وكل أمور الدولة هي من العاجل"، إلّا أن العاجل له مفهوم خاص هنا، فهو يعني أن ندع الأمور على حالها ونتركها معلّقة بين "حانا ومانا" إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

ليس الشعب من يختار الوزارات المختلفة شكلاً، السلطة هي التي تختار للشعب من خلال النواب التابعين، هم يختارون لأنهم "الأبخص" في كل قضايا الدولة، فهم من خلق قضايا الدولة الإشكالية من ألفها إلى يائها، ولو كانوا لا يدركون حلول هذه القضايا.

Ad

ولأنهم دائماً "الأبخص" بحكم عاداتنا وتقاليدنا المهترئة، لا توجد أحزاب، ولا يوجد تداول للسلطة، ولا يوجد تقدّم ونمو اقتصادي غير اقتصاد صعد برميل النفط دولارين ونزل برميل النفط دولارين، ولا توجد ديموقراطية أصيلة، وحتى بهذه الديموقراطية الصورية هم يخشون أي صداع للرأس يأتي من المعارضين، رغم أن معارضتهم في النهاية هي "تيش بريش"، ولن تقلب نهج الإدارة السياسية، فالمعارضة - إذا بقي منها شيء - هي بدورها نتاج ثقافة وفكر هذا المجتمع بصورة عامة، وهي ثقافة جامدة متحنطة، ترفض التجديد ولا تستوعب التغيير الذي طال كل الدنيا إلا ديرة "هذه الكويت صلّ على النبي".

قضايا تنويع مصادر الدخل والتعليم الكارثي والبدون والسكن والتركيبة السكانية، وبيروقراطية الجهاز الإداري المتصلب العاجز، والمرور، والفساد الكبير والصغير، والعجز الأكيد عن إحلال العمالة الوطنية مكان الوافدة، ستبقى كما كانت. يظل في النهاية بعض شكليات "الترقيع" هنا وهناك تقدّمها سلطة البخاصة، كي يصمت الناس بعضاً من الوقت، ثم يمضي الزمن، نعود كما كنا، نجتر ذات المسائل القديمة. الزمن جامد نتخيله يمضي ولكنه غير ذلك.

لا توجد رؤية ومنهج للمستقبل، الوزارة القادمة ستكون هي الوزارة ذاتها، وستغرق أحزاب "تويتر" و"الواتساب" في التذمر "والتحلطم" فيما قاله فلان وصنعه علان، دون نتيجة، وسنظل نمضغ المقالات القديمة ذاتها في حظيرة قوانين قمع الرأي وهيمنة أصحاب النفوذ، يفترض أن يكون شعار الدولة "جدر وملاس" بدلاً من شعار البوم، مع يقيننا بأن القدر "الجدر" فارغ، والملاس - بالتالي - لن يُخرج شيئاً.

● حسن العيسى