أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ أول وثيقة عن تاريخ الحزب الشيوعي يطلقها زعيم صيني منذ 40 عاما، مما يمنحه تفويضا يمكنه من الاستمرار في السلطة مدى الحياة، وذلك في ختام اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في بكين.

وصادق الحزب الذي يحتفل هذه السنة بمرور مئة عام على تأسيسه، على القرار الذي تبنته اللجنة المركزية له خلال اجتماع مغلق لأعضائها الـ400، على أن «الحزب والشعب كافحا على مدى قرن، فدوّنا أروع ملحمة في تاريخ الأمة الصينية على مدى آلاف السنين».

Ad

وجاء في القرار، وفق مقتطفات بثتها وكالة الأنباء الرسمية أنه منذ وصول شي جينبينغ إلى السلطة أواخر 2012 «دخلت الاشتراكية على الطراز الصيني حقبة جديدة». وتابع النص أن «فكر شي جينبينغ هو خلاصة الثقافة والروح الصينيتين».

وأكد أن وجود الرئيس في «قلب» الحزب الحاكم «له أهمية حاسمة... من أجل تشجيع آلية التجدد الكبير التاريخية للأمة الصينية». والزعيمان الصينيان الراحلان ماو تسي تونغ ودنغ شياو بينغ هما فقط اللذان قاما قبل ذلك بإصدار ما يسمّى بـ «القرار التاريخي»، واستخدم كل منهما هذا القرار للسيطرة على سياسة الحزب حتى وفاتهما.

وحذّر شي جينبينغ، أمس، من عودة أجواء توتر تشبه الحرب الباردة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع استمرار تصاعد متزايد للخلافات، خصوصا حول تايوان.

ومع اقتراب قمة افتراضية متوقّعة مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع المقبل، أكد شي جينبينغ ضرورة عمل جميع الدول في المنطقة معًا على مواجهة التحديات المشتركة من وباء كوفيد-19 إلى التجارة، مرورا بالتحرك من أجل المناخ.

وقال شي خلال مؤتمر افتراضي على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) إن «محاولات رسم حدود عقائدية أو تشكيل مجموعات صغيرة على أساس جيوسياسي محكوم عليها بالفشل».

وأضاف: «لا يمكن ويجب ألا تعود منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى مواجهات وانقسامات الحرب الباردة».

وجاءت تصريحات شي بعد ساعات من الإعلان المفاجئ للولايات المتحدة والصين في قمة غلاسكو، مضاعفة جهودهما بشكل مشترك لمكافحة الاحتباس الحراري.

ولم يذكر الرئيس الصيني هذا الاتفاق، لكنه أكد أنه «يمكننا جميعا التزام طريق تنمية مستدامة مع انبعاثات منخفضة الكربون». وقال: «معا يمكننا تمهيد الطريق لمستقبل أكثر اخضرارا».

وصرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن الرئيسين الصيني والأميركي سيلتقيان «قريبًا» افتراضيًا.

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن وجدت في البيئة أرضية تفاهم محتملة بين الصين والولايات المتحدة، تتصاعد الخلافات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وكثفت بكين أنشطتها العسكرية بالقرب من تايوان الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تؤكد الصين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها. وفي بداية أكتوبر دخل عدد قياسي من الطائرات منطقة تحديد الدفاع الجوي للجزيرة.

وتعليقا على ذلك، قال بلينكن، أمس الأول، إن الولايات المتحدة ستعمل من أجل تمكين تايوان من الدفاع عن نفسها لتجنّب أن يقوم أي طرف «بمحاولة الإخلال بالوضع القائم بالقوة».

وتطالب الصين أيضا ببحر الصين الجنوبي الغني بالموارد، وتمرّ عبره مليارات الدولارات من التجارة البحرية كل عام، بأكمله تقريبا، رافضة مطالب منافسة من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام. وفي هذا السياق، أبرمت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في سبتمبر تحالفًا دفاعيًا يسمح لأستراليا بالحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية باستخدام تكنولوجيا أميركية. ومع أنه لا يتوقع أن يتم تسليمها قبل سنوات، وعدم ذكر الصين صراحة، أثار الإعلان غضب بكين، وسبّب خلافا دبلوماسيا كبيرا مع فرنسا التي وعدت أولا بالحصول على عقد الغواصات.

لكن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قام بخطوة تجاه منافسته مساء الثلاثاء الماضي. ونقل بيان للسفارة الصينية عن شي قوله إن «العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تمرّ حاليا بلحظة تاريخية حاسمة»، مؤكدا أن «البلدين يمكنهما كسب كل شيء بالتعاون، أو خسارة كل شيء بالمواجهة».

ودعا الرئيس الصيني في خطابه الموجّه إلى رؤساء الشركات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلى بذل جهود مشتركة للاقتراب من تحقيق مناعة جماعية عبر جعل اللقاحات ضد «كوفيد - 19» في متناول البلدان المحرومة.

وقال: «يجب أن نترجم الإجماع على أن اللقاحات هي منفعة عامة عالمية إلى إجراءات ملموسة لضمان توزيعها بأمانة وعدل».

وقال شي إنه يتعيّن على الدول تكثيف التعاون في أبحاث اللقاحات وإنتاجها واختبارها والاعتراف المتبادل بها «من أجل الخروج من ظل الوباء وتحقيق انتعاش اقتصادي مطّرد بسرعة».