ما السبب وراء تأثير المعلومات المضللة بشأن فيروس كوفيد19؟
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
ولا يصدق الناس المعلومات المغلوطة لأنهم جاهلون؛ بل هناك العديد من العوامل المؤثرة، لكن معظم الباحثين يتفقون على أن تصديق المعلومات المغلوطة لا علاقة له بكمية المعرفة التي يمتلكها الشخص، فالمعلومات المضللة هي مثال رئيس على الاستدلال المدفوع، إذ يميل الناس إلى الوصول إلى الاستنتاجات التي يريدونها طالما أنهم قادرون على تبرير هذه النتائج بصورة منطقية، وأظهرت إحدى الدراسات التي نُشرت في عام 2017 أن الأشخاص الذين لديهم قدر أكبر من المعرفة العلمية والتعليم هم أكثر احتمالا للدفاع عن معتقداتهم المستقطبة بشأن مواضيع علمية مثيرة للجدل بسبب "مخاوف غير علمية".إن واحدة من أقوى هذه المخاوف هو الحفاظ على الهوية، إذ يكون القادة السياسيون أكثر فاعلية في دفع المعلومات المضللة عندما يستغلون خوف المواطنين من فقدان ما يرونه عنصراً يحدد جوانب ثقافتهم، ولا سيما لغتها، ودينها، وتسلسلها، وأدوارها العرقية والجنسانية، وفي البيئات السياسية المستقطبة، فإن شراء هذه المعلومات المضللة لا علاقة له بالمستويات المنخفضة من المعرفة أو المشاركة، ولكن بالأحرى بكيفية تفسير المعلومات بطريقة تتوافق مع الهوية الحزبية، ويعني منظور "نحن مقابل هم" أن الأجزاء المختلفة من المعلومات التي يتلقاها الأشخاص تعالَج بطريقة تتلاءم مع رؤيتهم للعالم، وهذا هو السبب في أن الأفراد يمكن أن يستخلصوا من الحقائق نفسها استنتاجات متباينة إلى حد الذهول.وعندما يبيع القادة السياسيون علاجات غير مثبتة لـكوفيد19، فإنهم يستفيدون من هذا الاتجاه الاستقطابي، ولكن التركيز المفرط على هؤلاء القادة قد يحجب السبب الرئيس وراء اقتناع الناس بهذه الرسائل، وإن الرغبة في تصديق المعلومات المضللة متجذرة في الجوانب الأساسية للهوية الثقافية التي يتلاعب بها السياسيون. وأظهر بحث حديث أجرته ماريانا بورغيس مارتينز دا سيلفا، وهي زميلة مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد، أن أحد الأسباب التي تجعل البرازيليين يثقون بعلاجات مثل تلك التي يروج لها (بولسونارو) هو اعتقاد ثقافي عميق بأن "الطبيب الجاد" هو من يصف الدواء، ولم يكلف (بولسونارو) نفسه عناء إقناع البرازيليين بفوائد الإيفرمكتين والكلوروكين؛ بل اكتفى فقط بتأكيد القاعدة القائلة إنه يجب دائما علاج الأمراض الخطيرة بالأدوية، وقدم سردا سمح لشرائح من السكان بالوصول إلى النتيجة المرجوة، وكان ذلك كافيا.إن فهم دوافع المعلومات المضللة أمر بالغ الأهمية لمنع انتشارها، وللحفاظ على سلامة الناس من كوفيد19 وتشجيع التطعيم، لا يكفي إدانة السياسيين الذين يُروجون لمعلومات كاذبة، بل ينبغي أيضا أن نفهم الدوافع الأساسية التي تجعل الناس يصدقونها.* باحث مشارك في مركز الأنظمة العامة بجامعة تشيلي، مرشح لنيل درجة الدكتوراه في أساليب البحث الاجتماعي في كلية لندن للاقتصاد.* نوام تايتلمان