أكد عدد من ناشري الكويت أن تكرار تأجيل المعرض الدولي للكتاب، والذي لم ينظّم منذ سنتين، من شأنه أن يفقده مكانته القوية بين أقوى المعارض العربية، فضلاً عما سيتكبدونه من خسائر جراء هذا التأـجيل.

وقال الناشرون، خلال تحقيق أجرته «الجريدة» معهم لتسجيل آرائهم حول آثار هذا التأجيل، إن هذه الأزمة ستتم مناقشتها مع وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري اليوم للحديث حول هموم قطاع النشر في الكويت.

Ad

بداية، قال المدير التنفيذي لدار «ذات السلاسل» الكويتية الناشر سعود المنصور: «في العام الماضي خلال الجائحة شاركنا في معرض الشارقة للكتاب، كما أقيم معرض أبوظبي، وهذا العام شاركنا في عدة معارض دولية للكتاب، وكان الإقبال كبيراً في هذه المعارض، كما جاءت فعالياتها المصاحبة مميزة ومثمرة، ولم تشهد أي مشكلات أو أي أحداث سلبية».

وأعرب المنصور عن أسفه أن يغيب معرض الكويت للسنة الثانية عن خارطة المعارض الدولية، علماً أنه ثاني معرض أقيم في المنطقة العربية، ومن أهم المعارض، لافتاً إلى أن «هذا ليس الشكل الأمثل الذي يجب أن تظهر به الكويت، فمعرضها يشكل أهمية فكرية للكويت وأبنائها ومكانتها الثقافية».

وتمنى من وزير الاعلام عبدالرحمن المطيري، «وهو الوزير الشاب أن يدعم اقامة المعرض الدولي للكتاب خلال الفترة القادمة بحضور دولي، فالمعرض دائما برعاية سمو رئيس مجلس الوزراء، ومشهود له بتنمية الثقافة والتنوير».

خسائر جديدة

من جانبه، قال المدير العام لدار الفراشة للنشر والتوزيع، الكاتب والناقد فهد الهندال: «وسط عودة الحياة الطبيعية لدول مجلس التعاون الخليجي، واستئناف الأنشطة التجارية بنسبة تصل إلى 100 في المئة، واستعادة التجمعات الاجتماعية بكل أشكالها، شهدنا عودة حميدة لمعارض الكتب الدولية في دول المنطقة، مع مشاركة كبيرة من دور النشر العربية، مما يعني احياء صناعة الكتاب وبيعه وازدهاره ثانية بعد توقف قسري قارب السنتين».

وأضاف الهندال: «بسبب تأجيل المعرض سيتكبد الناشر الكويتي والعربي خسائر جديدة، في ظل عدم وجود بدائل عملية مقنعة لتعويضه، ونكرر، لا نبحث عن تعويض مادي بقدر ما نطالب بتعويض معنوي ودعم عملي للناشر والكاتب والمكتبة في الكويت، ليكون حالهم كالمستظل من الرمضاء بالنار، حيث قوانين الرقابة المتشددة والمنهكة لصناعة الكتاب، وعدم وجود خطة واضحة بالنهوض بها وتنميتها في ظل الترويج لرؤية الكويت 2035!».

تغلب على «كورونا»

وقال المدير العام لبلاتينيوم بوك للنشر والتوزيع المهندس جاسم أشكناني: «نتساءل لماذا استطاعت جميع الدول التغلب على كورونا وجعلت الثقافة من أولوياتيها وعادت فيها معارض الكتب بأريحة وسعادة وبحب مع اتخاذ الإجراءات الصحية، وفي الكويت يأتي التأجيل فكرة سيئة وغير مقبولة من قبل الناشرين ورواد المعرض، فهناك شريحة كبيرة في الكويت تطالب بمعرض الكتاب».

وأضاف أشكناني «إن كانت المسألة فقط تخص الميزانية فهي محلولة، فيمكن لأي جهة أن تتبنى الموضوع، والتكلفة ليست عالية، أما بالنسبة للمكان فيوجد أماكن كثيرة»، مؤكدا «نحن نشعر بالخجل الشديد عند الالتقاء بالناشرين العرب أو الأجانب، عندما يسألوننا عن سبب تأجيل المعرض؟».

أيقونة المعارض

أما مدير دار كلمات للنشر والتوزيع فهد العودة، فقال «لا نخفيكم شيئا عن حجم الخيبة التي أصابتنا كناشرين خليجيين قبل الناشرين العرب في كلّ البلدان العربية، من جرّاء تأجيل المعرض، بعد أنْ استبشرنا خيراً بإقامة معرض الرياض الدولي تحت إجراءات احترافية ومهنية مسؤولة وراقية، والذي كلّل بالنجاح المنقطع النظير، فرغم كلّ الصعوبات التي واجهت إقامة المعرض، فإنّ هيئة الأدب في المملكة تصدّت لكل هذه المصاعب وتكفلت بتذليلها، ثمّ تلاه معرض الشارقة الدولي بالتشديد على الاحترازات، وها هو الآخر يسجل نجاحاً لا نملك معه إلا الإشادة بالمجهودات التي بُذِلَت لإنجاحه، وسيليه معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي تسعى إدارته لتلافي أي معوقات قد تواجهها للخروج بتنظيم متميز وفعال».

وأضاف العودة، بعد كل ذلك «بكلّ أسف، يُعلن تأجيل تنظيم معرض الكتاب في 2021، هذا المعرض الذي يُعد أيقونة المعارض العربية، يؤجل لأعذار تجاوزتها الدول بكل يُسر وسهولة، بينما يواجهها منظمو معرض الكويت بالكثير من الرهبة حد تأجيل»، مؤكداً أن «التأجيل لا يناسب سمعة الكويت الثقافية التي ستهتز حتماً حين نرى الدول الأقل إمكانات تنظم معارضها بنجاح، والدول التي سبقتها الكويت بتنظيم هكذا معارض ثقافية، فضلاً عن فقدان المعرض مكانته بين أقوى المعارض العربية، حيث لم ينظم منذ سنتين».

وقال إن «الدور المحلية والعربية ستتضرر اقتصاديا بشكل كبير، حيث توجد داخل الكويت الشريحة العظمى التي تستهدفها الدور المحلية، إضافة إلى الفجوة التي سيخلّفها التأجيل جراء النقص الكبير في الكتب المعروضة داخل المكتبات الكويتية لعدم إقامة المعرض، مما يزيد العبء المالي عليها في ظل الظروف الراهنة. لن نركز على السلبيات لأنها موجودة، ولا تزال، وستستمر جراء هذا التأجيل، ونركز على كيفية تلافي المأزق، ولو باستعارة الخبرة».

بدوره، قال مدير منشورات «تكوين»، الشاعر محمد العتابي: سعداء في «تكوين» بعودة حركة النشر إلى سابق عهدها من ناحية دورة المعارض، وكلها دلالة وإشارة على عودة الحياة إلى طبيعتها في حركة النشر، وكان لدور النشر الكويتية مشاركات متميزة في المعارض التي أقيمت أخيرا في شهري أكتوبر الماضي ونوفمبر الجاري، وكان هناك إقبال جماهيري على هذه الدور، والحياة طبيعية في حركة الجمهور والتباعد الاجتماعي، والأنشطة المصاحبة للمعرض.

وقال العتابي إن تأجيل المعرض له آثار سلبية؛ أولها على قطاع النشر في الكويت، وما يحدث من ضرر لدور النشر من عدم وجود معرض للعام الثاني على التوالي، وأيضا يمسّ بصورة الكويت الثقافية، خصوصا أن الكويت هي ثالث أقدم معرض عربي للكتاب.

فعالية ثقافية

من جانبه، قال المدير العام لمكتبة كشمش، محمد جراغ: «مع عودة الحياة تدريجيا، بدأ الناس في التعايش مع المرض، من خلال الاهتمام بالاحترازات الصحية، وعادت معارض الكتب إلى أجوائها الثقافية، رغم أن بعضها لم يُقَم في وقته المحدد، مثل معرض مصر الدولي، والرياض، وعلى الرغم من التأجيل، فإن المعارض أعطت امتيازات كبيرة للناشرين».

وقال جراغ: بالنسبة لنا في الكويت، أتمنى أن تكون لنا رؤية واضحة للأمام، وليست ضبابية بشأن التخطيط لمعرض من ناحية الميزانية والمكان، والجائحة ليست سببا لتأجيل المعرض، وبعض الدول لديها أكثر من معرض، وعند مشاركتنا في المعارض الأخرى تسألنا دور النشر ولا نملك الإجابة، بسبب الضبابية وعدم وضوح الرؤية لنا، مما شكّل لنا إحراجا، لافتا إلى أن المعرض الكتاب ليس مكانا لبيع الكتب فقط، فكل دور النشر لديها إصداراتها، لكنها فعالية ثقافية تجمع بين الناشر والقارئ والمؤلف. ونحن كدور نشر نطالب بإقامة المعرض، وعلى استعداد للتكاتف والمساعدة».

وختم قائلا: «بإقامة المعرض سينتعش النشر الثقافي، ويشجع الكتاب على التأليف وتقديم أفضل ما لديهم»، مؤكدا «أننا نحتاج إلى معرض كبير يعيد الحياة الثقافية بقوة».

شبارو: الكويت واحة المعرفة والثقافة

قال الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب، بشار شبارو، إن «الكويت واحة المعرفة والثقافة، ومجلسها الوطني كان السبّاق بإطلاق أول معارض الكتاب في الخليج العربي، وأشعر بالغصّة وأنا أرى أن معرض الكتاب في الكويت ما يزال في طور المعارض الداخلية والوطنية، بينما بقية المعارض الخليجية جددت نشاطها، واستوعبت الجائحة، وانطلقت بعزيمة ونشاط جديدين».

وأضاف شبارو: «بصفتي أمينًا عامًّا لاتحاد الناشرين العرب، أتمنى على المسؤولين في الكويت أن يجددوا الهمة لإعادة إطلاق المعرض؛ ليكون كعادته الحاضن للناشرين العرب والكويتيين، ومساحة للتلاقح الثقافي والفكري لأبناء الكويت والمقيمين فيها».

فضة المعيلي