لا يزال التوتر يتصاعد على الحدود الأوروبية الخارجية تحديدا عند الحدود بين بولندا وبيلاروس، المتهمة من قبل الغرب بشنّ «حرب هجينة» من خلال تسهيل وصول اللاجئين، خصوصا من الشرق الأوسط الى حدودها مع الاتحاد الاوروبي. ورفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، اتهامه بالمسؤولية عن الأزمة على حدود بولندا، التي اتهمته وجهات غربية بالوقوف وراء مخطط الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو بالانتقام من العقوبات الأوروبية والأميركية التي فرضت عليه بعد حملة قمع دامية للمعارضة إثر انتخابات رئاسية مشكوك بنزاهتها أبقته في السلطة.
وشدد بوتين على ضرورة معالجة أزمة المهاجرين المحتشدين في منطقة الحدود والتوصل إلى حل يراعي مصالح بيلاروس وبولندا وألمانيا والدول المعنية عن طريق الحوار.وفي محاولة للتنصل من تهديدات لوكاشينكو بوقف ضخ الغاز الروسي لأوروبا، وهو ما يعمّق أزمة الطاقة التي تعانيها القارة العجوز على أعتاب الشتاء، قال بوتين ان وقف مينسك الغاز سيكون مخالفة للعقود الموقّعة معها كدولة ترانزيت.وقال بوتين إن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا في استخدام الطائرات المسيرة التركية انتهاك لاتفاقيات السلام.
عسكرة الأزمة
وبعد أيام من إرسال موسكو قاذفتين في دورية فوق الأجواء البيلاروسية في رسالة دعم عسكرية، أعلنت موسكو مقتل اثنين من جنودها خلال تدريبات جوية بالاشتراك مع بيلاروس شملت عمية إنزال.من ناحيته، ندد وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، بنشر بولندا نحو 15 ألفاً من جنودها وإقامتها سياجاً شائكاً على الحدود، متوعداً «بردّ قاس على أي هجوم محتمل».وقال خرينين، في رسالة مصورة: «يبدو أن جيراننا في الغرب، وخصوصا بولندا مستعدون لإشعال نزاع يرغبون في أن يجروا أوروبا إليه».إطالة الأزمة
وفي خطوة تبدو أنها محاولة لإطالة أمد الأزمة، زعمت فرق الإنقاذ البيلاروسية انها بدأت بتجهيز مكان تجمّع آلاف المهاجرين بخيام ونقل مولدات كهربائية إلى أماكن خيامهم لحمايتهم من البرد القارس. وذكرت قناة «بول بيرفوغو» أن لوكاشينكو أمر الجيش بنصب الخيام للمهاجرين وتوزيع المساعدات الغذائية والإنسانية وإطعام الأطفال، موضحة أن المسؤولين عن المهمة بدأوا بالفعل في العمل.سلاح سياسي
في المقابل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن ادارته أبلغت مينسك وموسكو ان ما يجري «مشكلة كبيرة بالنسبة لنا»، أما وزير خارجيته أنتوني بلينكن فقد أبدى «القلق من استخدام بيلاروس الهجرة سلاحاً سياسياً»، مشيراً إلى أن واشنطن تتشاور مع الحلفاء حول أدوات التعامل مع الأزمة.تركيا تتحدث عن تضليل
وبعد إعلان تركيا أنها حظرت على السوريين والعراقيين واليمنيين السفر من مطاراتها إلى بيلاروس، فيما يبدو أنه خضوع لضغوط أوروبية كانت تحمّل أنقرة بعض المسؤولية في الأزمة، قال مستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية إبراهيم كالين: «لا علاقة لتركيا بهذه الأزمة، المسافرون يتوجّهون من بيلاروس ومنها إلى ليتوانيا وبولندا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي. إلقاء اللوم على تركيا أو خطوطها الجوية هو بكل بساطة من باب التضليل وفي غير محله».وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، قد هددت بفرض عقوبات على شركات الطيران التي تنخرط في «تهريب البشر». وفي بغداد علقت السلطات رخصة عمل القنصل البيلاروسي الفخري لديها، وأوقفت عمل قنصلها في مينسيك، في إطار سعيها لحماية العراقيين من شبكات تهريب البشر، مؤكدة أنها أوقفت جميع رحلات الطيران المباشر مع بيلاروس، وتعمل على تسهيل العودة الطوعية للعالقين عبر تأمين جوازات سفر مرور والتكفل بنقلهم لبغداد.غزو أوكرانيا
على صعيد متصل، ووسط تحذير اميركي من احتمال جدي لقيام روسيا باجتياح أوكرانيا، حذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من خطورة إجراء حلف ناتو مناورات عسكرية غير مقررة في البحر الأسود، مشيرا خصوصاً الى «استخدام الطيران الاستراتيجي» في التدريبات.ولفت الرئيس إلى أن وزارة الدفاع الروسية قدمت له اقتراحا لإجراء موسكو مناورات غير مقررة في المنطقة نفسها، مضيفا: «لكنني أعتقد أن هذا الأسلوب غير مناسب، ولا داعي لتصعيد التوترات أكثر هناك»، مضيفا أن القوات الروسية ستكتفي بمواكبة ومراقبة المناورات.وأشار بوتين إلى أن هذه المناورات تأتي في وقت تنشر وسائل إعلام غربية مزاعم متعددة عن نية روسيا «غزو أوكرانيا عسكرياً»، مشددا على بطلان هذه الادعاءات.وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن طائراتها كشفت ورافقت 4 طائرات تابعة لـ «ناتو» تقوم بمهمات تجسس ففوق الجزء الشمالي الغربي من البحر الأسود، مبينة أن ثلاث سفن حربية، هي طراد «موسكفا» الحامل للصواريخ، وفرقاطة «الأدميرال إيسن»، وسفينة الدوريات «بافل ديرجافين» تواصل متابعة تحركات السفن الأميركية بالمنطقة.وأكدت «الدفاع» الروسية أن مقاتلات بريطانية يوروفايتر تايفون التابعة للقوات الجوية البريطانية رافقت عن قرب، وبشكل خطير، قاذفتين استراتيجيتين لها من طراز «تو-160» مسلحتين بصواريخ R-33 جو- جو، في رحلة فوق بحر بارنتس والبحر النرويجي وبحر الشمال مدتها 15 ساعة.حرب بالمصادفة
ونبّه رئيس أركان الجيش البريطاني، الجنرال نيك كارتر، أمس، إلى أن العلاقات بين روسيا والدول الغربية تشهد توتراً غير مسبوق، وهي أكثر جدية مما كانت عليه في عهد الحرب الباردة، محذراً من اندلاع نزاع مكشوف بسبب أي مصادفة.وقال كارتر، لصحيفة ديلي إكسبريس، «نعيش في العالم الأكثر منافسة مما كان عليه منذ 10 و15 عاما. وأعتقد أن المنافسة بين الدول، والدول الكبرى، يؤدي إلى اشتداد التوتر. ويجب أن نكون حذرين، ويجب أن نمنع أن يؤدي الطابع العدواني لعدد من ساستنا إلى وضع عندما يسفر تصعيد النزاع عن ارتكاب أخطاء».