الحلول في لبنان تنتظر مسارَي «نووي» إيران و«التطبيع» مع دمشق
مبادرة حكومية «صامتة» بـ3 مفاتيح: بري و«صندوق النقد» وغاز مصر
لم يتحقق في لبنان أي خرق في جدار الأزمة الحكومية المستمرة، ويبدو أن كل الدروب تقود إلى المزيد من التعقيد، إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتحدث في أوساطه، وكذلك عدد من الوزراء، عن تحضير «مبادرة صامتة»، حتى الآن، هدفها إعادة إحياء العمل الحكومي. لا يفصح ميقاتي عن تفاصيل المبادرة، لكن الرهان الأساسي فيها يبقى، وفق ما يبدو، على دور رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتقول مصادر حكومية إن رئيس الحكومة يفضل الانتظار، لا سيما أنه يكسب وقتاً لتحقيق بعض المكتسبات، انطلاقاً من التفاوض مع صندوق النقد الدولي، للوصول إلى خطة أو اتفاق إطار يتم وضعه، بالإضافة إلى انتظار بلورة آلية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان.
وهو يراهن على أنه إذا حقق إنجازاً مع «صندوق النقد» أو بشأن «غاز مصر»، فسيتمكن حينها من فرض واقع جديد على الساحة، من شأنه إعادة تفعيل العمل الحكومي. في المقابل، تعارض جهات وزارية وسياسية وجهة النظر هذه، وتصفها بأنها قاصرة عن فهم التطورات الإقليمية والدولية، وخصوصاً التصعيد الإيراني المتنوع. هذا التصعيد لا يمكن أن يجد طريقه إلى الحلّ إلا بمقدمات عنيفة تقود الجميع إلى طاولات التفاوض، إلا إذا استبقت المفاوضات أي حالات صدامية. من هنا تربط هذه المصادر كل التطورات اللبنانية بما يجري في الإقليم، وتحديداً بعد مسار افتتاح العلاقة مع النظام السوري من جانب دولة الإمارات والحديث عن زيارة قريبة سيجريها بشار الأسد إلى أبوظبي، كما لا يمكن فصل ذلك عن اللقاء الذي عقد بين رئيسي الاستخبارات السعودي خالد الحميدان والسوري حسام لوقا. ومن هنا أصبح لبنان بأمس الحاجة إلى مراقبة مسار التطورات الإقليمية والدولية، على مشارف استئناف مفاوضات النووي بين إيران والغرب أواخر الشهر الجاري. وعلى إيقاع هذه التطورات يمكن فهم التصعيد الداخلي، الذي انتهجه «حزب الله» مؤخراً، على أنه أمر لا ينفصل عن مسار التطورات مع دمشق. وهنا تقول مصادر دبلوماسية إن التفاوض مع الأسد يتعلق بنقطة أساسية، وهي ضمان الوصول إلى هدنة سورية مع إسرائيل، لا إلى اتفاق تطبيع يشبه «اتفاقات إبراهيم»، مما يعني أن هذا المسار مرتبط بشكل أو بآخر مع مسار التفاوض اللبناني ـ الإسرائيلي برعاية واشنطن حول ترسيم الحدود الجنوبية للبنان، كما أنه لا ينفصل عن توفير أمن إسرائيل أيضاً، لأن أي عمليات للتنقيب عن النفط والغاز في الجنوب اللبناني ستكون بحاجة إلى ضمان الاستقرار، وذلك في مقابل أن يحصل الأسد على تنازل إسرائيلي معين في الجولان.وعليه تتجاوز الأزمة اللبنانية المتشعبة التفاصيل الداخلية، وهذا يتقاطع مع ما قاله المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، قبل يومين، حول ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل بين إسرائيل ولبنان بشأن الترسيم، وإنّ من شأن ذلك أن يطلق عملية طويلة الأمد لبدء الاستثمارات العالمية بالنفط والغاز اللبنانيين. وفي إشارة سلبية بهذا السياق، كان لافتاً رفع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله السقف بشأن ترسيم الحدود، وتراجعه عما قاله قبل أسابيع حول أن الحزب يقف خلف ما تقرره الدولة اللبنانية في هذا المجال، ليقول هذه المرة إنه «لا يمكن الموافقة على التنازل عن السيادة». وهذا الموقف يشير إلى أن الاستعداد لتسهيل «الترسيم» سيكون مرتبطاً باحتمالات التقارب الإيراني - الأميركي وحصول تفاهمات تنعكس على لبنان.