رياح وأوتاد: هل أعاد التلفزيون الخطأ نفسه بعد ست وثلاثين سنة؟
على الدولة ممثلة بتلفزيونها أن تكون محايدة وتقف على مسافات متساوية بينها وبين جميع النواب والكتل، أو أن تدعو إلى مناظرة بين د. عبيد ومخالفيه، خصوصاً أن وسائل التواصل تعج بالآراء المخالفة في تقييم مواقف د. عبيد الأخيرة.
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
وفي أول كلمة لي في مجلس 1985 بعد القسم هاجمت انحياز التلفزيون ومساندته لأحد أطراف المنافسة في لقاء كُرر أكثر من مرة، في حين لم يتم منح الفرصة لأي مرشح آخر ليعبر عن وجهة النظر الأخرى ولو في لقاء واحد. وتبين بعد ذلك أن خطة التلفزيون نجحت بشكل مؤقت، إذ سرعان ما تحالف الوطنيون والليبراليون مع الإسلاميبن والمستقلين في استجواب وطرح الثقة بوزير العدل، ثم تحالفوا مع أعضاء آخرين لتقديم أربعة استجوابات لأربعة وزراء، وتحقق المثل الكويتي القديم "خبز خبزته يا الرفلة كليه". وبهذا تعلّم التلفزيون درساً جيداً من هذا الخطأ فتوقف عن الانحياز طيلة السنوات الست والثلاثين الماضية، إلا أنه أعاد اليوم الخطأ نفسه، فعرض كلمة النائب د. عبيد في خطاب شبه رسمي دعائي دون أي نائب آخر من أي كتلة أخرى، سواء كانت مؤيدة أو معارضة لطرح الأخ عبيد، ولم يبرر التلفزيون هذا الانحياز، وربما كان سببه التغيير في الخطاب السياسي للدكتور عبيد أو كان رداً على التوجه المتشدد للمعارضة في دور الانعقاد الأول، والله أعلم.ولكن الحقيقة أن التلفزيون لم يكن له أي مبرر لانحيازه هذا نظراً لكثرة القنوات التلفزيونية الفضائية بالإضافة إلى قناة مجلس الأمة التي كانت سترحب بلقاء أو كلمة أو تصريح للدكتور ومخالفيه أيضاً. لذلك كان على الدولة ممثلة بتلفزيونها أن تكون محايدة وتقف على مسافات متساوية بينها وبين جميع النواب والكتل، أو أن تدعو إلى مناظرة بين د. عبيد ومخالفيه، خصوصاً أن وسائل التواصل تعج بالآراء المخالفة في تقييم مواقف د. عبيد الأخيرة، وهي خلافات مشروعة، وبعض هذه الخلافات تتسم بالحدة الشديدة نظراً لطبيعة الحوار الحاد بين بعض المختلفين في بلادنا العزيزة بمن فيهم د. عبيد نفسه. والخلاصة أن القادم من الأحداث قد يشهد خلافات ومعارضة شديدة حتى ممن يحصل التقارب معهم اليوم، كما حدث في مجلس 1985.