يعيش لبنان جموداً سياسياً قاتلاً، وتعصف به الأزمات من كل الجوانب، ويبدو عاجزاً عن إعادة إصلاح العلاقات مع دول الخليج.

وفي ظل عدم القدرة على إعادة إحياء عمل الحكومة اللبنانية، أصبحت كل الملفات مؤجلة، وسط توقعات لمسؤولين لبنانيين بأنه لابد من التعايش مع الأزمة لفترة طويلة.

Ad

هنا تتركز الأنظار على الانتخابات النيابية، ففي الوقت الذي تسعى القوى المختلفة إلى التحضير للانتخابات، ثمة تخوف لدى قوى متعددة من تأجيلها وعدم إجرائها، إذ سيتوجه عدد من نواب تكتل لبنان القوي المحسوب على رئيس الجمهورية، في الأيام المقبلة، لتقديم طعن بالتعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي، وتنص على إجراء الانتخابات في 27 مارس المقبل.

 وقبول الطعن يعني أن الانتخابات لن تجرى في الموعد المحدد، وقد يتم تأجليها لشهرين بالحد الأدنى. باب التأجيل لن يلغي الأسباب الخلافية على القانون، ولا خوف قوى متعددة من نتائج الانتخابات في ظل الانهماك بإجراء استطلاعات رأي لدى كل طرف، لمعرفة قدراته وقوته ونفوذه الشعبي.

وبالاستناد إلى هذه الاستطلاعات، التي أجرتها جهات داخلية وخارجية، يظهر تراجع كبير في شعبية التيار الوطني الحرّ، حليف «حزب الله»، ويبدي الحزب كل الاهتمام لتوفير الدعم لحليفه للفوز بالانتخابات والاحتفاظ بالأكثرية النيابية. وحتماً لن يكون من مصلحة «حزب الله» أن يتلقى حلفاؤه خسائر انتخابية، وهنا تبرز فكرة تتعلق بتأجيل الانتخابات ريثما تتغير الأوضاع والظروف، فالحزب على صعيده الداخلي لا يخشى الانتخابات، ولكنه يخشى على حلفائه، لاسيما أن استطلاعات الرأي ودراسات الأرقام تشير إلى أن كتلة لبنان القوي ستتراجع من 23 نائباً إلى نحو 15، بينما كتلة القوات اللبنانية ستزيد من 15 إلى نحو 20 نائباً.

 على المقلب الآخر، لا يزال الجميع بانتظار عودة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى لبنان، فوليد جنبلاط يعلن أنه يريد التحالف مع الحريري ومع «القوات»، ولكن لابد من انتظار عودة الحريري لمعرفة قراره النهائي، وسط تضارب في المعلومات بين جهات محسوبة على تيار المستقبل تشير إلى أن زعيم التيار لن يخوض المعركة الانتخابية، في حين تنفي ذلك جهات أخرى.

 للاستحقاق الانتخابي أهمية متعددة الاتجاهات، أولها استفتاء الناس بعد «ثورة 17 تشرين»، وبالتالي فإن الطرف الذي سيفوز سيكرس شرعيته، وسط تخوف لدى قوى متعددة من حصول مفاجآت مثلما حصل في الانتخابات العراقية، وثانيها أنه يسبق استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية بأشهر قليلة، وبالتالي ستكون المعركة شرسة جداً سواء على الحصة المسيحية داخل البرلمان، أو على التوازنات السياسية التي ستكون متحكمة بآلية اختيار الرئيس الجديد للجمهورية. ومثل هذه المعركة تحتاج إلى تصعيد سياسي وطائفي ومذهبي كبير، مما سيؤدي إلى حصول توترات على الأرض.

 وبالنظر إلى هذه الحساسية الدقيقة لهذه المرحلة، هناك فكرة يتم تداولها بين جهات داخلية وأخرى خارجية، وفق ما تكشف مصادر دبلوماسية لـ«الجريدة» عن تأجيل الانتخابات 6 أشهر، على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية الجديد من المجلس الحالي، وبعد انتخابه يتم تنظيم الانتخابات النيابية، كما حصل بعيد انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون عام 2016.

ولعلّ ذلك يؤدي إلى تخفيف التوتر ويريح الوضع السياسي، ولكن هذه الفكرة حتى الآن لم تلق أي توافق شامل، إلا أن المصادر تشير إلى مناقشتها بمنتهى الجدية.

منير الربيع