في ظل حديث إيراني عن تنفيذ أميركي جزئي لـ«شرط مسبق» يتضمن الإفراج عن أرصدة مجمدة حول العالم، بهدف إظهار «حسن النية»، أجرى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كني مشاورات، عبر «الفيديو كونفرنس»، مع نظيريه الروسي سيرغي ريابكوف، والصيني ماجائو سو، بشأن المفاوضات المرتقبة في فيينا، بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي المقيد لطموحات طهران الذرية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل واشنطن.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، أمس، أن كني نوه في الاجتماع، الذي جرى ليل الاثنين ـ الثلاثاء، بـ «العلاقات الإيرانية مع روسيا والصين، والمواقف المتناغمة التي تجمع الدول الثلاث حيال القضايا الدولية المختلفة، لتعزيز نهج التعددية ومواجهة النزعات الأحادية في المجتمع الدولي». ورهن رئيس الوفد الإيراني المفاوض نجاح المباحثات المقبلة في فيينا بـ«إلغاء العقوبات».

Ad

ترضية مالية

وفي أبرز إشارة رسمية على حدوث ما يمكن أن يوصف بـ«ترضية» لطهران قبيل استئناف فيينا، قال الرئيس الإيراني الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي خلال حضوره جلسة للبرلمان، أمس، إنّ «الحكومة لديها إمكانية الوصول إلى مواردها المالية في البلدان الأخرى في الوقت الحاضر»، مؤكداً «حل المشاكل المالية وعدم الاقتراض من البنك المركزي».

جاء ذلك غداة تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية صحة الأنباء التي تداولتها أوساط إيرانية رسمية بشأن الإفراج عن 3.5 مليارات دولار من أرصدة طهران المجمدة، موضحاً أنها «لم تكن من مصدر واحد فقط».

ووصف منصات إيرانية شبه رسمية تأكيد الإفراج الجزئي عن الأرصدة بأنه استجابة لمطالبة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، مطلع أكتوبر الماضي، خلال حضوره اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بـ«إظهار نية حقيقية، عبر الإفراج عن بعض الأصول المجمدة» في بلدان أخرى، أبرزها كوريا الجنوبية، والتي تقدر بأكثر من 10 مليارات بعدة دول.

في المقابل، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، إيران، بمحاولة كسب الوقت من خلال المفاوضات إلى حين أن تصبح مسألة العودة للاتفاق النووي «غير واقعية»، معتبراً أن ذلك يؤكد عدم رغبة طهران في العودة لصفقة 2015.

وقال لابيد خلال لقاء جمعه مع المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإيرانية روب مالي، في إسرائيل، إن «طهران لا تعتزم العودة لصفقة الاتفاق النووي، وهي تحاول كسب الوقت من خلال المفاوضات، إلى أن تصبح مسألة الانضمام إلى هذا الاتفاق غير واقعية».

وأكد الوزير الإسرائيلي أنه بالرغم من ذلك، هناك «مخاوف استخباراتية تقنية لدى إسرائيل من العودة للاتفاق ورفع العقوبات». ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، ورئيس جهاز الموساد ديفيد بارنيا، إلا أنه من غير المتوقع أن يلتقي برئيس الوزراء نفتالي بينيت الذي يسعى لإبقاء الخيار العسكري مطروحاً في التعامل مع «الخطر الذري الإيراني».

وأفادت مصادر عبرية، بأن بينيت، «قرر مقاطعة روبرت مالي، كي لا يبدو أنه يمنح شرعية للعودة المحتملة إلى الاتفاق النووي».

في السياق، طاول قصف جوي مجهول مواقع للميليشيات الإيرانية في ناحية البوكمال شرقي دير الزور شمال شرقي سورية، مساء أمس الأول، في عملية يعتقد أن إسرائيل شنتها، وتعد الثانية خلال أقل من 8 ساعات.

في شأن قريب، شددت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» على أن إيران قامت بتصرف «غير آمن وغير مهني»، عندما حلقت مروحية تابعة لها على بعد حوالي 25 ياردة من سفينة تابعة للبحرية الأميركية ثلاث مرات في خليج عمان، 11 الشهر الحالي.

ووسط ترقب خليجي لما ستسفر عنه مفاوضات فيينا، ومعالجة برنامج إيران الصاروخي وشبكة الوكلاء الإقليميين التي تحركها طهران، صرح أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بأن الإمارات تتخذ خطوات بطيئة لتهدئة التوتر مع إيران، في إطار خيار سياسي مؤيد للدبلوماسية وتجنب المواجهة، مشيراً إلى أن بلاده مازالت تشعر بقلق عميق من سلوك إيران في العراق وسورية واليمن ولبنان.

وبينما بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الإيراني المفاوضات النووية المرتقبة وقضايا التعاون الثنائي والوضع في سورية وأفغانستان وقره باغ، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أن إسرائيل ستواصل مواجهة إيران على جميع الجبهات، بما في ذلك في الساحة الشمالية التي تشمل لبنان وسورية.

جاء ذلك، بعد أن كشف نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، دانيال بنايم، عن قيام ترتيب أميركي ـ خليجي ـ أوروبي جديد لمعالجة المخاوف العالمية من برنامج إيران النووي ونشاطها الإقليمي.

وأكد بنايم أن هذا الترتيب سيتم نقاشه خلال الجولة التي يقوم بها الوفد الأميركي برئاسة المبعوث الخاص بإيران روبرت مالي الموجود في المنطقة.

وقال المسؤول الأميركي: "رسالتنا ستكون أننا في المنطقة لنبقى، ولدينا شراكات قوية وثابتة بنيت عبر عقود من الزمن، ونحن حريصون على مواصلتها لعقود مقبلة".

ورغم تأكيده أن الجيش الأميركي "منقطع النظير وليس هناك أي جيش آخر يمكنه أن ينافسه"، شدد بنايم على أن الدور الأميركي في المنطقة غير محدد بقواتها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعتمد الدبلوماسية لتخفيف التوترات وحل الخلافات.