فاقمت تجربة صاروخية فضائية روسية التوتر بين موسكو والغرب، الذي وصل في الأسابيع الأخيرة إلى مستوى خطير، مع التحذيرات من إمكانية غزو روسي لأوكرانيا، والاتهامات الموجهة إلى موسكو بالتسبب في أزمة الطاقة التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي، والضلوع في «حرب اللاجئين الهجينة» التي أطلقتها بيلاروس حليفتها الوثيقة، ضد الحدود الخارجية للاتحاد.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن روسيا «أجرت بشكل خطر وغير مسؤول اختبارا تدميريا استهدفت خلاله أحد أقمارها الصناعية، وخلفت حتى الآن أكثر من 1500 قطعة من الحطام المداري المُمكن تتبعه، وستخلف على الأرجح مئات آلاف القطع الأصغر حجماً».

Ad

وحذر بلينكن من أن «قطع الحطام الناجمة عن هذا الاختبار ستهدد الآن ولعقود مقبلة الأقمار الاصطناعية وأجساماً فضائية أخرى حيوية لأمن دول أخرى واقتصادها ومصالحها العلمية، وستزيد بشكل كبير المخاطر على رواد الفضاء»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لن تتسامح مع هذا النوع من النشاط، وستعمل مع حلفائها وشركائها في مسعى للرد على هذا العمل غير المسؤول».

وأصدرت وكالة الفضاء «ناسا» بيانا قالت فيه إن محطة الفضاء الدولية «تمر كل 90 دقيقة عبر سحابة (من الحطام) أو بالقرب منها»، موضحة أن رواد الفضاء السبعة الموجودين على متنها، وهم أربعة أميركيين وألماني وروسيان، اضطروا للالتجاء إلى سفنهم الملتحمة بها استعدادا لإخلاء طارئ محتمل.

وكتب وزير الدولة البريطاني جيمس كليفيرلي، في تغريدة، «الاختبار قد يتسبب في حطام خطير يمكن أن يضر بالأنظمة الفضائية التي نعتمد عليها»، داعيا روسيا إلى التصرف بمسؤولية وإنهاء التجارب المدمرة للصواريخ المضادة للأقمار.

وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الشظايا الناتجة عن تدمير قمر صناعي روسي خارج الخدمة لا تشكل أي تهديد أو خطر للأنشطة الفضائية.

وأضاف: «لقد اختبرنا بالفعل نظاما واعدا بنجاح. لقد أصاب القمر الصناعي القديم بدقة متناهية».

وهذه ليست أول تجربة صاروخية على استهداف قمر اصطناعي أثناء دورانه حول الأرض، إذ سبق أن أجرت مثل هذه التجربة 4 دول هي الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا.

ولقي هذا النادي الرباعي بسبب تجاربه هذه انتقادات شديدة، لأن الحطام الذي يخلفه قصف القمر الاصطناعي سرعان ما يتحول إلى مقذوفات خطيرة يمكن أن تصطدم بآلاف الأقمار الاصطناعية الموجودة في المدار، والتي تعتمد عليها دول بأسرها في العديد من الأنشطة، كالاتصالات وتحديد المواقع الجغرافية.

ومن هنا فإن حيازة دولة ما تكنولوجيا الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية تزيد رصيدها العسكري كثيرا، إذ يصبح بمقدورها تدمير أقمار تابعة لدول أخرى.

التوتر الفضائي، سبقه اتصال هاتفي مطول بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي ايمانويل ماكرون، في محاولة لخفض التوتر بخصوص الأوضاع مع أوكرانيا وأزمة المهاجرين على حدود بولندا المتهمة بيلاروس بإثارتها.

وانتقد بوتين صراحة «التدريبات الواسعة النطاق ذات الطبيعة الاستفزازية التي تجريها الولايات المتحدة وبعض حلفائها في البحر الأسود، والتي تصعد التوتر بين روسيا والحلف الأطلسي»، واتهم كييف باتباع «سياسة مدمرة»، مشيراً إلى «استخدامها مؤخرا طائرات بدون طيار في منطقة النزاع» مع انفصاليي شرق اوكرانيا الموالين لموسكو.

في المقابل، أعرب الرئيس الفرنسي عن «قلقه الشديد» من نشر قوات روسية عند الحدود الأوكرانية، مؤكدا استعداد فرنسا «للدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا».

وأفاد قصر الإليزيه بأن الرئيسين اتفقا على «خفض التصعيد» في أزمة المهاجرين، وأن بوتين سوف «يبحث» المسألة مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي أجرى أمس اتصالا بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، كما دعا الإمارات الى لعب دور في حل الأزمة، موجها انتقادات لاذعة إلى بولندا. وأمس قام حرس الحدود البولندي باستخدام الغاز وخراطيم المياه لتفريق المهاجرين المحتشدين عند المعبر الحدودي وعلى طول الحدود بين بيلاروس وبولندا.