لو تعرفون كم أجرمْتم بحق بلدكم
كنا نراهن على "الثورة الشبابية" يوم رفعت شعار "كلّن يعني كلّن" عام 2019، لكنها سقطت بضربة "ملوك الطوائف والفساد".عدنا إلى القول بأن البلد لن يصلح حاله إلا من بوابة قانون الانتخاب وأن التغيير قد يحصل من هنا طالما أن كل طائفة من الكبار تأخذ البلد إلى الهاوية كما حصل منذ عام 1958 و1975 وإلى اليوم بعد أن اختل التوازن بينها.الإصلاح من الداخل ربما يكون نافذة أمل جديدة بعد أن وصل اليأس مداه، في بلد منكوب ومفجوع، لكن هل نضحك على أنفسنا عندما نقول للآخرين لا تيأسوا أم أن الوقت كفيل بالرد على السؤال؟!
أتابع منذ فترة أصوات ساخطة وناقدة وكلما قرأت لها أجد نفسي مقصراً، فمثلاً "تجمع استعادة الدولة" الذي يقوده المصرفي المخضرم حسن أحمد خليل لا يتوقف عن الدعوة إلى التغيير، ويقول في إحدى تغريداته: "لو تعرفون أيها اللبنانيون كم أجرمتم بحق بلدكم بعد أن وضعتم البلاد في يد زعماء كالأورام السرطانية المتفشية، والتي إن حاول البعض التخلص منها فقد تقضي على الجسد، ويموت، وهي تنمو"... ثم ينهي وقفته تلك راجياً من الله أن تحدث معجزة إلهية، أو مؤامرة تمنع إجراء الانتخابات، عله بالتأجيل أو التأخير يصحو اللبنانيون، أهل الكهف من سباتهم؟صرخة موجعة حقاً، يشاطره فيها السواد الأعظم ممن لم ينخرط في تجمعات القطعان الطائفية، فاللوم في النهاية يقع على المواطنين اللبنانيين لا على غيرهم، كما يكتب الصديق رشاد الشوا المحب للبنان والغارق في عشقه ومعرفته به منذ أن وعى على هذه الدنيا: "الحق مش على مسؤولي الأحزاب والدولة الفاسدين، الحق على شعبه اللي ساكت عليهم، دعوه يخرب مرة ثانية، ليس مهماً... المهم يخلصوا منهم، فلبنان في النهاية سيرجع لأن الأوطان لا تموت... مهما ساءت أحوال هذا البلد، الذي لم يعد له سقف للسقوط وفي ظل عهد مشؤوم.مازالت أصوات قوى التغيير تعلو وترتفع وهؤلاء تراهم كل يوم مستنفرين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى التسجيل انتظاراً ليوم الانتخابات! قوى المجتمع المدني حية ونشطة وسط بيئة سياسية فاسدة ومنخورة طائفياً حتى العظم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر "نحو الوطن"، وهي مجموعة تضم أصواتاً مختلفة الاتجاهات، لديها رؤية واضحة "ببناء دولة ومواطنة" وهم مع آخرين تجمعهم قواسم مشتركة أساسها أن وقت التغيير حان الآن وليس غداً، فما حققوه في حملتهم بدعوة المغتربين إلى التسجيل كان نقلة نوعية، حيث بلغ 165 ألف صوت بزيادة عالية عن السنوات السابقة.لا أدري إلى أي مدى يمكن الرهان بشأن تغيير تركيبة مجلس النواب بأصوات المغتربين فالواقع يقول عكس ذلك والأرقام مهما بلغت ستبقى محدودة التأثير، لكنها خطوة على طريق الألف ميل!كل يوم نبكي ونحزن على ما وصل إليه هذا البلد من بؤس وانكسار وضياع، نرثي حالنا وفي نفس الوقت نرفع شعارات التغيير والرفض مما هو سائد.لنعترف بتقصيرنا جميعاً، بأننا شركاء بما صنعته أيادينا ونحن جميعاً من أوصل هذه "الزمرة الحاكمة" وبكل ممثليها إلى أن تبقى وصية علينا وعلى مستقبلنا، من المهد إلى اللحد.بلد مفتوح على كل الاحتمالات، حتى الانتخابات النيابية قد تطير بين لحظة وأخرى وتلحقها الانتخابات الرئاسية ويجري التمديد لهما وهنا الطامة الكبرى!