في محاولة لتنسيق المواقف مع الحلفاء، وتهدئة مخاوف القوى الإقليمية قبل استئناف الجولة السابعة من مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني أواخر نوفمبر الجاري، يقوم مسؤولون أميركيون دبلوماسيون وعسكريون ضمن عدد من الوفود، بجولات منفصلة في دول المنطقة، بهدف معالجة "الملف الإيراني" على مدار الأسبوع المقبل.

وبعد قيامه بمشاورات مماثلة في الإمارات والبحرين وإسرائيل، استعرض المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي، مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. نايف الحجرف، مستجدات "مفاوضات فيينا"، خلال استقباله له في السعودية، أمس، في حين ذكرت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أن وزير الدفاع لويد أوستن سيتوجه اليوم إلى المنامة وأبوظبي.

Ad

وقال المتحدث باسم "البنتاغون" جون كيربي إن "أوستن سيجتمع خلال زيارته مع قيادات الدولة والعسكريين في البحرين والإمارات، إضافة إلى القوات الأميركية المتمركزة في كلا البلدين"، مؤكدا عزم بلاده على دفع وتقوية الشراكات الدفاعية الدائمة والالتزام بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وتزامن ذلك مع قيام مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ بإجراء مناقشات مع مسؤولين سعوديين ويمنيين، في الرياض، بهدف دفع عملية السلام بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وجماعة "أنصار الله" الحوثية المتحالفة مع طهران.

وفي وقت تتصاعد الاشتباكات المسلحة بعدة جبهات في اليمن، خاصة الحديدة ومأرب، مع تواصل محاولات الاعتداء الحوثية على جنوب المملكة، ذكرت الخارجية الأميركية أن ليندركينغ سينضم إلى فريق مشترك من وكالات أميركية لتنسيق مقاربات الأمن الإقليمي ومجموعة واسعة من المخاوف مع إيران خلال جولته التي تشمل المنامة.

وأوضحت أن المبعوث الخاص سيلتقي خلال زيارته مسؤولين سعوديين كبار "لمناقشة الجهود المبذولة لدفع عملية سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة في اليمن وتقديم الإغاثة الفورية للشعب اليمني"، مضيفا أنه سيناقش "استمرار احتجاز الحوثيين لبعض موظفي السفارة الأميركية اليمنيين في صنعاء واقتحام الحوثيين لمجمع السفارة الأميركية" المغلق بالعاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحركة المتمردة.

مقاربة إماراتية

من جانب آخر، توالت أنباء عن استعداد وفد رفيع من الإمارات للقيام بزيارة لطهران قريبا، في إطار سعي أبوظبي لتهدئة التوترات مع إيران، استنادا إلى مقاربة تهدف إلى "إدارة التنافس، وتجنب إشعال صراعات جديدة تدفع شعوب المنطقة ثمنها".

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين من الخليج وإيران تأكيدات بشأن الزيارة المرتقبة، لكن المسؤول الخليجي امتنع عن تأكيد ما إذا كان شقيق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد سيرأس الوفد.

ونقل موقع "أمواج ميديا"، ومقره بريطانيا، عن مصدر مطلع في أبوظبي، أن "من المقرر أن يسافر الشيخ طحنون إلى إيران في زيارة نادرة الأسبوع المقبل لإجراء مباحثات".

وأمس الأول، أوضح المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش أن بلاده تأخذ خطوات بطيئة لتهدئة التوترات، إلا أنه شدد على أن الإمارات لا تزال تشعر بقلق شديد بسبب مسلك إيران في العراق وسورية واليمن ولبنان.

ويأتي ذلك بعد أسبوع من إجراء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان اتصالا هاتفيا بنظيره الإماراتي عبدالله بن زايد أشاد خلاله بتحسن العلاقات بين إيران والإمارات بـ"وتيرة جيدة"، مع تدشين خط تجاري لنقل البضائع من الإمارات إلى تركيا عبر الأراضي الإيرانية لاختصار المدة الزمنية التي يستغرقها النقل عبر الطريق التقليدي المار بقناة السويس المصرية.

تحذير نووي

وفي وقت تتابع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، عن كثب المحادثات بين القوى العالمية وطهران من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015، مع تحفظها عن "كونه معيبا لا يتناول برنامج إيران الصاروخي وشبكة الفصائل التي تعمل بالوكالة لحسابها في المنطقة"، حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن طهران زادت بدرجة كبيرة في الأشهر الأخيرة مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب. وبحسب تقديرات مطلع نوفمبر الجاري، رفعت طهران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، أي أعلى بكثير من الحد المسموح به بنسبة 3.67 في المئة، إلى 17.7 كلغ مقابل 10 كلغ في نهاية أغسطس، وهو ما يجعلها على مقربة من مستوى إنتاج الأسلحة الذرية.

وقالت الوكالة إن مفتشيها لم يتمكنوا حتى الآن من الدخول إلى ورشة لمكونات أجهزة الطرد المركزي في كرج، رغم أهمية هذا الأمر للتوصل إلى صفقة لإحياء الاتفاق النووي، رافضة احتمال أن تكون كاميراتها للمراقبة قد استخدمت من جانب منفذي هجوم استهدف كرج، بواسطة "مسيرة" انطلقت من داخل إيران في يونيو الماضي، كما قالت السلطات الإيرانية، وذكرت أن مفتشيها مازالوا "يتعرضون لتفتيش جسدي مكثف جدا من قبل مسؤولي الأمن في محطة نطنز النووية".

في هذه الأثناء، أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الإيرانية بهروز كمالوندي أن مدير الوكالة الدولية رفائيل غروسي سيصل إلى طهران مساء الاثنين المقبل، وسيعقد اجتماعا مع رئيس المنظمة الإيرانية محمد إسلامي ووزير الخارجية الإيراني.

انفجار غامض

وفي وقت تسعى إسرائيل إلى إبقاء "الخيار العسكري" في التعامل مع ما تصفه بـ"الخطر النووي الإيراني، انفجر خط أنابيب نفطي بجنوب إيران في حادث ارجعته تقارير رسمية إلى تقادم البنية التحتية، وتسبب الانفجار الغامض في هزات صغيرة شعرت بها المناطق المحيطة.

من جهة ثانية، كشف الخبير الاقتصادي الإيراني مهرداد عمادي، أمس، أن حجم الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الأجنبية، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، بلغ أكثر من 88 مليار دولار، وأغلبها في روسيا.