العنوان قد يكون مثيراً، لكنه مشتق من عنوان لكتاب غير اعتيادي كتبه الدكتور آلان دونو عام ٢٠١٧، بعنوان "نظام التفاهة"، وترجمته للعربية وعلقت عليه الدكتورة مشاعل عبدالعزيز الهاجري، أستاذة القانون الخاص في كلية الحقوق بجامعة الكويت.الكاتب هو أستاذ للفلسفة بجامعة كيبيك الكندية، ويعتبر أحد أهم الكتاب الكنديين المحدثين، وهو كما وصفته الدكتورة مشاعل، لم يسمع به أحد في العالم الناطق بالإنكليزية قبل أن يصبح في قلب خريطة الجدل بكندا، بسبب كتاباته الجريئة وتناوله لزوايا مسكوت عنها في زمننا المعاصر بمختلف نواحيه الاجتماعية والثقافية والفنية والاقتصادية والسياسية، ومن أبرزها "هيمنة التافهين"، التي أُسبغت على كل شيء من حولنا بدوافع الشهرة والكسب المالي، عبر وسيلتين هامتين تمكنانهم من التغلغل في أحشاء حياتنا اليومية:
الأولى: "البهرجة والابتذال"، والتدليل عليها في متناول أيدينا يومياً، ولكن الدكتورة مشاعل لخصتها ببراعة قائلة:"ما من سمة تنبئك بكونك محاطاً بالتفاهة أوضح من أن ترى نفسك وسط أجواء من البهرجة والابتذال، لأنها جميعاً مؤشرات على غياب العقل والحاجة لإذهال العين ولفت الأنظار وشغلها عن إدراك الفراغ الكبير الذي يخلفه غياب العقل".أما الوسيلة الثانية لإسباغ التفاهة على كل شيء من حولنا فهي "المبالغة في التفاصيل"، والتركيز عليها من أجل تحويل الحشو التفصيلي كمادة إبهار تشغلك عن اللب، وكما قرر المؤلف أن مجهوداً كهذا هو محض مجهود مجرد من القيمة لتفاهته وعدم الحاجة إليه.إذن علينا حين نتبصر بهذه المسائل أن نسقطها على جميع ما حولنا في هذا الزمان، لنتبين كم يأخذ الغث من نصيب الثمين، ونحكم أيهما أغلب تأثيراً على مسار حياتنا ومستقبل أجيالنا، وكيف سيكون عليه الحال اليوم وغداً.طبعاً ذهب ويذهب مع تحليلات د. آلان دونو العديد من المفكرين والمثقفين والفلاسفة في زمننا الحديث الصاخب، ولعل أكثرها حدة مقولة الروائي والمفكر الإيطالي أمبيرتو إيكو، عندما علق على انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في هشيم مجتمعاتنا قائلاً: "أدوات مثل تويتر وفيسبوك، تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، حيث يحق لهم الكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، إنه غزو البلهاء!!"، هذا مع الاحترام لكل رزين (والاستدراك مني وليس من إيكو).ربما يكون نقلي لرؤى هذه القامات الثقافية في العالم وكثيرين غيرهم يعطينا لمحة عن سمات العصر، والتي ليست جميعها خيراً على البشرية، فالتفاهة كالحماقة تعيي من يداويها، لأنها تهدد دائماً بالسقوط في الوسط.وصدق الله العظيم القائل "وأعرض عن الجاهلين".***تغريدةقال حكيم:الرزانة عشرٌ، تسعٌ منها في الصمت والعاشرة باعتزال صغار العقول.
أخر كلام
6/6:زمان التفاهة
18-11-2021