لبنان يترقب مفاوضات فيينا... وردّة فعل إسرائيل
يتيقن اللبنانيون أكثر فأكثر بارتباط أزماتهم السياسية اليومية بمسار الوضع الإقليمي وتطوراته. كل الأنظار تتجه إلى ما ستخرج به جولات التفاوض في فيينا بين إيران والولايات المتحدة. كل طرف يسعى إلى الإمساك بالكمّ الأكبر من الأوراق، ولذلك لا يجد لبنان مخرجاً للأزمات القائمة، من تعطيل عمل الحكومة، وتعثّر التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والمشاكل القضائية وسط تهديدات للقضاة للبحث عن مخرج لمشكلة التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، إضافة إلى استمرار الأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج من دون بروز أي مساعٍ جدية للحل. كل الملفات معلّقة بانتظار اجتماع فيينا. في حين بدأ المسؤولون الأميركيون يتحركون في المنطقة، وتحديداً مع دول الخليج، للبحث في آفاق مرحلة ما بعد الاتفاق. من الواضح أن هناك حماسة أميركية - إيرانية مشتركة لإبرام الاتفاق، بينما تتجه الأنظار الى موقف القوى الإقليمية، لذلك لا بدّ من النظر إلى الموقف السعودي والخليجي عموماً. كذلك لا بدّ من النظر إلى الموقف الإسرائيلي الذي لا يبدو متحمساً لمثل هذا الاتفاق مادام أنه لا يتناول ملف النفوذ الإيراني في المنطقة.ويجد لبنان نفسه في قلب المعادلة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الوزراء ووزير الدفاع الاسرائيليين حول عدم السماح لإيران بالتفوق العسكري على جبهة الشمال، أي سورية ولبنان، واصطحاب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة لتفقد نفق لحزب الله على الحدود اللبنانية.ويرتسم مساران محتملان لتعامل إسرائيل مع التطورات، فإمّا تستمر بالضغط السياسي لتحصيل مكاسب من خلال المفاوضات وانتظار ما ستنتجه، أو أنها ستتشدد أكثر في وتيرة ونوعية العمليات الأمنية والعسكرية التي تستهدف شحنات الأسلحة الإيرانية لحزب الله عبر سورية.
ومعروف أن لدى إسرائيل هدفين أساسيين؛ الأول هو ضرب أو تفكيك بنية الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حلفاء طهران في سورية ولبنان، والثاني ضرب أو تفكيك مراكز وبرامج الطائرات الإيرانية المسيّرة. ولا ينفصل ملف ترسيم الحدود في لبنان عن هذه المفاوضات وعن المصلحة الإسرائيلية في توفير الأمن المستدام، خصوصاً أن الاتفاق على التنقيب عن النفط يعني إعلان هدنة طويلة الأمد تضمن أمن إسرائيل. من هنا يمكن ربط موقف المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين، حول إعطاء لبنان مهلة حتى شهر مارس المقبل لتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية، مما يعني عملياً أن واشنطن تربط هذا الملف بمصير المفاوضات مع طهران. في لبنان تكشف المعلومات الرسمية عن الاستعداد العاجل لإنجاز ملف الترسيم، بعد تقديم تنازلات مطلوبة أميركياً، في مقابل مطالبة بيروت بالخطّ المتعرج، أي التنازل عن مساحة 2290 كيلومترا مربعا، لمصلحة القبول بمساحة 860 كيلومترا مربعا، على أن تزيد هذه المساحة قليلا لحفظ ماء الوجه. وفي حال أبرم الاتفاق يعني أن لبنان قد يكون دخل في مسار التهدئة، أما في حال تعثّر، فلا بدّ من توقّع حصول تصعيد وتوترات. ذلك كله لا ينفصل عن ردّ الفعل الإسرائيلي على التوصل الى اتفاق مع طهران، وما يمكن لواشنطن أن تحصله من طهران لتوفير أمن إسرائيل.