موسكو تختبر صاروخاً... ولندن تحذّرها من مغامرة عسكرية
أوكرانيا تطلب تسليحاً إضافياً وإستونيا تناور وبولندا لا تستبعد حرباً لـ «إنقاذ» أوروبا من المهاجرين
مع استمرار جيشه باستعراض قوته البرية والبحرية، وإحيائه سباق التسلح في الفضاء، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خصومه في الغرب بتجاوز كل الأطر ومواصلة استفزازه في البحر الأسود، تزامناً مع تلقيه تحذيراً بريطانياً غير معتاد من القيام بمغامرة عسكرية تقود إلى خطأ مأسوي، في وقت طلبت أوكرانيا تسليحاً إضافياً للدفاع عن حدودها.
لا يزال التوتر سيد الموقف بين روسيا والغرب على أكثر من جبهة، رغم محاولات أخيرة بذلتها خصوصاً المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لتجنّب مواجهة أطلسية روسية قبل مغادرتها منصبها واعتزالها السياسة. وتصاعد مؤشرات التصعيد على عدة جبهات من معركة أسعار الغاز، مروراً بأنبوب "نورد ستريم 2" وأزمة المهاجرين مع بيلاروس على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى الحشود العسكرية الروسية قرب أوكرانيا والأطلسية في البحر الأسود. وبالتزامن مع محادثات بين سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، وبعد تجربة استفزازية استعرضت خلالها قدرتها على تدمير المركبات الفضائية المدارية للدول المتنافسة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن فرقاطة "الأدميرال غورشكوف" التابعة للأسطول الشمالي، في البحر الأبيض أطلقت صاروخ "تسيركون"، ضمن تنفيذ مهام دورة تدريب قتالية، مبينة أن "تحليق الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت يتوافق مع المعايير المحددة، وأصيب الهدف بضربة مباشرة".
وأبلغ وزير الدفاع سيرغي شويغو الرئيس فلاديمير بوتين، عن الإطلاق الناجح في البحر الأبيض لصاروخ تسيركون، الذي يعد أول صاروخ كروز مجنّح فرط صوتي في العالم يطلق من البحر، وتفوق سرعته سرعة الصوت بمقدار 8-9 ماخ، أي ما يعادل نحو 10 آلاف كيلومتر في الساعة.
تجاوز لكل الأطر
وحذّر بوتين، أمس، من خطورة التطورات الأخيرة في حوض البحر الأسود، وما أسماه "الحشد الأميركي والأطلسي بالمنطقة"، واصفاً إياها بأنها "تجاوز من الغرب لكل الأطر". من ناحيته، طلب المتحدث باسم "الكرملين"، ديمتري بيسكوف، من المسؤولين الأوروبيين "استعادة رشدهم والتوقف عن تحميل روسيا المسؤولية عن كل المشاكل"، مشيراً إلى تضاعف "المنشورات الهستيرية في بريطانيا".وشدد بيسكوف على أن "روسيا لا تخوض أي حرب هجينة"، في إشارة الى أزمة المهاجرين على حدود بولندا المتهم حليف موسكو الكسندر لوكاشينكو بإثارتها.مغامرة مأسوية
وبينما ندد كل من حلف شمال الأطلسي وواشنطن وباريس وبرلين بتعزيز الوجود العسكري الروسي عند الحدود الشرقية لأوكرانيا، حيث النزاع المسلح مع الانفصاليين الموالين لروسيا لا يزال قائماً منذ 2014، حذّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، روسيا، من خوض "مغامرة عسكرية" عند حدود أوكرانيا وبولندا قد تكون "خطأ مأسوياً".وقال جونسون، بمجلس العموم أمس الأول، "ما علينا فعله هو ضمان أن يفهم الجميع أن كلفة الحسابات الخاطئة عند حدود كل من بولندا وأوكرانيا ستكون هائلة، وأعتقد أنه سيكون خطأ مأسويا بالنسبة إلى "الكرملين" التفكير بأنه يمكن تحقيق مكاسب من خلال مغامرة عسكرية".جاء ذلك في وقت أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية عن تسجيل زيادة في كثافة تحليقات طائرات الاستطلاع والطيران المقاتل لحلف شمال الأطلسي على طول حدودها، بما في ذلك بالمجال الجوي لأوكرانيا.من ناحيتها، طلبت أوكرانيا مساعدات عسكرية إضافية من حلفائها الغربيين. وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا: "ازدادت عدائية روسيا الدبلوماسية والعسكرية بدرجة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، وأوكرانيا تعزز تعاونها مع حلفائها بشكل نشط لمواجهة التهديدات".وبعد زيارتين أجراهما إلى واشنطن وبروكسل، أكد كوليبا أن "العمل جار لتطوير حزمة شاملة لاحتواء روسيا ودعم سياسي لأوكرانيا من حلفائها الغربيين"، موضحاً أن "الحزمة تشمل تكثيف الضغط الدبلوماسي ومن خلال العقوبات على روسيا، إلى جانب إمداد الجيش الأوكراني بمزيد من الأسلحة الدفاعية".ولم يستبعد رئيس وزراء بولندا، ماتيوش مورافيتسكي، خطر الحرب في ضوء التطورات على الحدود البيلاروسية، محذراً من أن أوروبا ستواجه تدفّق "ملايين" المهاجرين، إذا ظلت السياسات على الحدود ضعيفة.وقال مورافيتسكي، لصحيفة بيلد الألمانية، "إذا لم نقم بحماية حدود أوروبا، والدفاع عنها بصورة حاسمة، فهناك مئات الملايين من إفريقيا أو الشرق الأوسط سيحاولون القدوم، ولاسيما إلى ألمانيا".إستونيا
بدورها، بدأت إستونيا، أمس، مناورات عسكرية لم يُعلن عنها مسبقا لإقامة حاجز من الأسلاك الشائكة على حدودها الشرقية مع روسيا.وذكرت الحكومة فى تالين أنه تم استدعاء نحو 1700 جندي احتياطي للمشاركة في المناورات.والغرض الرئيسي من هذه العملية هو اختبار الاستعداد العملياتي وسلسلة القيادة. وترغب إستونيا أيضا في ممارسة التعاون مع الشرطة وحرس الحدود.وقال قائد الشرطة وحرس الحدود إيلمار فاهر: "ما يحدث فى بولندا وليتوانيا ولاتفيا يتطلب تعزيز البنية التحتية الحدودية في إستونيا أيضا".ومن المقرر إقامة الحاجز في ما يصل إلى 10 أقسام حدودية، حيث يتزايد خطر عبور الحدود بصورة غير قانونية.وقالت رئيسة الوزراء الإستونية، كايا كالاس، أمام البرلمان إن "الوضع الأمني خطير ومتوتر فعلا"، في إشارة إلى الاشتباكات بين المهاجرين وقوات الأمن على الحدود البولندية البيلاروسية.توقيف وترحيل
ميدانياً، في حين أعلن الجيش البولندي، أمس، توقيف نحو 100 مهاجر في عملية منظمة قادتها القوات الخاصة البيلاروسية لاختراق الحدود، أعلنت بيلاروس تدشين رحلات عودة للاجئين، أولها شملت نقل 431 إلى العراق، مؤكدة وجود نحو 7000 مهاجر على أراضيها، 2000 منهم تقريباً في مخيمات عند الحدود مع بولندا، في وقت أعلن لبنان وقف الطيران الى بيلاروس.