يقال إن النار من مستصغر الشرر والعياذ بالله، فبعد العفو الأميري عن المحكومين بأحكام قضائية، أطلت الفتنة بوجهها الكريه ورائحتها النتنة، وهذا ما قرأناه في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، فبعد أن عشنا في زمن التسامح والمحبة والإخاء بين أطياف المجتمع منذ عقود طويلة، أطل علينا البعض، سامحهم الله، وأبوا إلا أن يشقوا صف الوحدة الوطنية في الكويت. لا شك أن لكل إنسان الحق في أن يبدي رأيه الشخصي استناداً لما منحه الدستور لكل مواطن، بما لا يخالف القوانين والدين والأخلاق العامة، فقد شاهدنا أثناء الغزو الغاشم كيف وقف الكويتيون صفاً واحدا لمقاومة ودحر الغزو الغاشم، ولم تظهر نعرة التطرف بين النسيج الاجتماعي الكويتي، ولكن هذه الأيام البعض لا يريد أن نعيش في كويتنا الطيبة متسامحين ومتعاونين.
للأسف الشديد سمعنا وقرأنا كلمات وعبارات تسيء إلينا ككويتيين، وتحاول شق الصف الواحد، وإن إثارة الفتنة والنار سهلة لكن إطفاء الحريق الذي يأتي بفعل الفتنة قد يكون من الصعب إطفاؤه، فكل إنسان له الحق في أن يحمل أو يتبع أي فكر أو توجه سياسي معين وليس بالضرورة أن يكون هذا الفكر أو التوجه مقبولاً من إنسان آخر في فترة الستينيات. رأينا من الشباب الكويتيين من يعتنق الفكر القومي الناصري أو الماركسي أو البعثي أو غيرها من النظريات أو التوجهات السياسية، ولكن الولاء للوطن يأتي أولاً وليس الانتماء أو الولاء للخارج، فالبعض له توجهات سياسية ذات طابع ديني وهم أحرار في اختيار هذا النهج، ولكن يجب أن يكون الولاء للوطن فقط.ومن يعش على أرض الكويت الطيبة، وولد فيها وترعرع ودرس في مدارسها بالمجان، وتلقى رعاية صحية أيضا بالمجان، وحصل على جميع الامتيازات فعليه أن يشكر النعمة ويخلص لبلده الذي وفر له الأمن والأمان، وألا يكون ولاؤه للخارج، بل نقول (لا) كبيرة لمن لديه هذا التوجه، فإذا كان ولاء الإنسان لبلده الكويت لا لجهة خارجية فهو مواطن يستحق الاحترام، أما إذا كان الولاء لأي دولة كانت في الشرق أو الغرب فإن على هذا الشخص أن يشد الرحال إلى تلك البقاع التي يواليها، فالرحيل عن الكويت أبرك ما يكون لمن يقيم في الكويت ويتمتع بامتيازاتها ويكون هواه وولاؤه لأفكار وتوجهات خارجية.علينا جميعا ككويتيين أن نحافظ على هذه الأرض الطيبة التي أعطتنا الكثير، وعلينا جميعا الحرص على أمنها واستقرارها وازدهارها، ولا نسمح بالأفكار الغريبة أن تسود في بلدنا الحبيب الكويت، فأثناء الغزو العراقي الذي كان يحكمه حزب البعث حاول ذلك النظام أن يستميل الكويتيين الذين كانت لهم توجهات سياسية عدة، ومنهم البعثيون الكويتيون ولكنهم رفضوا التعاون مع المحتل وقاوموه ودفعوا حياتهم ثمناً لولائهم لبلدهم، إلى جانب كل الكويتيين الذين رفضوا التعاون مع المحتل، وقاوموه ببسالة، واستشهد منهم الكثيرون، رحمهم الله وأسكنهم الجنة. اللهم احفظ الكويت وشعبها ومن يعيش على أرضها، وأسبغ علينا نعمة الأمن والأمان والحب والوفاء والترابط، ونبذ التعصب والبغضاء، وأبعد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، آمين يا رب العالمين.
مقالات
درء الفتنة
21-11-2021