ضربة إلكترونية تشلّ مترو طهران وطيران الحرس الثوري
واشنطن: لن نغادر الشرق الأوسط ولن ننجر لمواجهة مع فصائل إيران وسنحمي الحلفاء
تسبب هجوم إلكتروني إسرائيلي بشلل في رحلات شركة «ماهان» للطيران المرتبطة بـ «الحرس الثوري» وعمل قطارات «مترو طهران»، مع توالي تبادل الهجمات السيبرانية بين الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية.
ضمن سلسلة ضربات تصب في "استراتيجية إسرائيلية" ترمي إلى تأجيج غضب الشارع الإيراني، الذي يعاني ضغوطا اقتصادية ومعيشية، عشية استئناف مباحثات فيينا، أدى هجوم سيبراني، أمس، إلى توقف عمل مترو طهران والطيران المدني الإيراني خاصة الطائرات التابعة لشركة "ماهان" المرتبطة بالحرس الثوري. وأكد مصدر عالي المستوى في منظمة الدفاع السيبراني الإيراني، أن التحقيقات الأولية اظهرت أن "الاعتداء انطلق من داخل إسرائيل بشكل مباشر" في خطوة تصعيدية هي الأولى من نوعها.وذكر المصدر أن الهجوم جاء ضمن موجة انطلقت من داخل إسرائيل وبعض الدول الأوروبية وحتى شرق آسيا والولايات المتحدة منذ عصر الجمعة الماضي، حيث حاول القراصنة الولوج إلى نظام اتصالات أصفهان وإرسال رسائل للمتظاهرين الذين كانوا يحتجون بسبب شح المياه والجفاف، إلا أن "منظمة الدفاع" تمكنت من صد المحاولة وهجمات أخرى بأصفهان.
وأوضح أن الهجوم المكثف، الذي اعتمد أسلوب الارباك عبر إرسال ملايين الرسائل بشكل متزامن، تسبب في مشاكل عدة بالاتصالات والانترنت بكل أنحاء البلاد يومي الجمعة والسبت.واشتكى كثر من انقطاع وتذبذب سرعة الانترنت وعدم التمكن من الوصول إلى معظم مخارج اتصالات البلاد حتى عبر استخدام برامج كسر الرقابة.ولفت إلى أن الهجمات تركزت على محافظة أصفهان ومركزها الذي يحمل الاسم نفسه، في حين تمكنت مجموعة من القراصنة من اختراق نظام اتصالات مترو طهران والملاحة الجوية في "مطار مهرآباد" وعبر هذا النظام استطاعوا الولوج إلى نظام اتصالات مطار "الإمام الخميني" الدولي، وأحدثوا خللا شاملا بأنظمة التشغيل تسبب في توقف الرحلات الجوية 6 ساعات.وفوجئ العديد من مسافري خطوط "ماهان" من الذين كانوا قد حجزوا رحلات جوية لصباح أمس برسائل على هواتفهم من جهات مجهولة تطلب منهم عدم السفر على متن رحلات الشركة الخاصة التي تعد الأكبر بالبلد ومهددة بأن إحدى الطائرات مفخخة.في موازاة ذلك، توقفت جميع قطارات "مترو طهران" مدة تزيد على الساعتين مع حبس الركاب داخل قطارات، الأمر الذي اضطر البعض إلى كسر زجاج نوافذ وأبواب الطوارئ للخروج منها بعد أن تعرض مرضى لنوبات ضيق تنفس وسط حالة من الفوضى والهلع.ويأتي الهجوم على "مترو طهران" و"ماهان" بعد 3 أسابيع من اختراق إلكتروني تسبب في توقف جميع محطات الوقود.
غموض إيراني
ومع تفاقم المواجهة السيبرانية الخفية بين الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية، رفض مصدر رفيع في جهاز "مكافحة الحرب الإلكترونية" نفي أو تأكيد علاقة بلاده بعميل مفترض أوقفته السلطات الإسرائيلية في منزل وزير الدفاع بيني غانتس أخيراً بتهمة التخابر مع مجموعة قراصنة إيرانية تدعى "بلاك شادو"، بعد تسريبها لبيانات سرية عن مجندين وصور ومعلومات شخصية للوزير مع تهديد بأنه "تحت المراقبة". وشكك المصدر بالرواية الإسرائيلية عن المتهم الذي ادعت تل أبيب أنه اعتقل وهو يحاول بيع معلومات للإيرانيين، قائلا إن "الرواية ساذجة للغاية، وحتى أبسط العملاء يعلم أنه لا يمكنه التعامل بالشكل المفضوح عبر شبكة الانترنت العادية المخترقة من قبل أجهزة الأمن". وأشار إلى احتمال "قيام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بمحاولة التلاعب بالمتهم الذي كان مسؤولاً عن النظافة بمنزل غانتس، أو أنها أرادت اصطناع رواية للتغطية على فشلها في مواجهة قراصنة إيران بعد تمكنهم من النفاذ إلى أكثر الأنظمة العبرية المحصنة وقيامهم بنسخ معلومات حساسة وثمينة". ووصف المعلومات التي حصل عليها قراصنة إيران بأنها حيوية جداً لأمن إسرائيل، مشدداً على أن ما تم نشره لا يمثل سوى جزء يسير.وزعم المصدر أن قراصنة إيران تمكنوا من نسخ "مخططات هندسية لأسلحة نوعية إسرائيلية وأميركية بينها طائرات مقاتلة وقاذفة ومسيرات دون طيار وصواريخ ودبابات".إلى ذلك، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال هولتا، على هامش مؤتمر "حوار المنامة"، إن إيران لن تغير سلوكها إلا إذا اضطرت لذلك، لكنه امتنع عن تأكيد تحسن قدرة طهران على شن الهجمات السيبرانية.واعتبر أن "المسألة الإيرانية ليست شأناً إسرائيلياً، بل هي مشكلة عالمية"، مؤكداً أنهم يدعمون العمل الدولي الحازم، لكن إسرائيل في الوقت نفسه كررت أنها مستعدة للتحرك بشكل منفرد "متى ما اضطرت".في موازاة ذلك، ادعى المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية، أمير إيشيل، أن "الجيش الإسرائيلي جاهز حالياً لشن هجوم في إيران"، في حين اعتبر الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، أن بلاده "لا يمكنها السماح لإيران بحيازة قدرات ذرية".قلق أميركي
في هذه الأثناء، أعرب منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكجورك، عن قلق بلاده حيال الوتيرة المتسارعة بشكل متزايد لبرنامج إيران النووي.وقال ماكجورك، خلال مشاركته بالمؤتمر الأمني في البحرين: "إن الالتزام بالدبلوماسية يجب أن يكون من موقع قوة ومرتبطا بالردع وخفض التوتر".وأضاف أن "مقاربتنا لإيران، وهي خصم معلن، تقوم على الردع والدبلوماسية وخفض التوتر ولا يمكن لأي من هذه الركائز أن تعمل وحدها"، مبيناً أن الهدف الأول هو منع حصول إيران على سلاح نووي.وأشار المسؤول الأميركي إلى أن "واشنطن ملتزمة بالدبلوماسية، ولكنها جاهزة لخيارات أخرى إذا فشل هذا المسار". وغداة تهديد فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بطهران لواشنطن بتقطيع أوصالها إذا لم تنسحب بحلول نهاية العام، لفت ماكجورك إلى أن بلاده "لن تنجر إلى تبادل إطلاق النار مع وكلاء إيران. لكن إيران تعلم أننا سنحمي شعبنا دائماً وسوف نتصرف بحزم للقيام بذلك إذا لزم الأمر". كما أشار إلى أن واشنطن ستحمي حلفاءها في المنطقة.